عَلَيْهِمَا.
وَلِأَنَّهَا صَلَاةٌ يُشْرَعُ لَهَا الِاجْتِمَاعُ، فَخَالَفَتْ سَائِرَ النَّوَافِلِ، كَصَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ، فَأَمَّا أَحَادِيثُهُمْ فَمَتْرُوكَةٌ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهَا بِاتِّفَاقِنَا، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ. وَحَدِيثُ النُّعْمَانِ فِيهِ أَنَّهُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى انْجَلَتْ الشَّمْسُ، وَحَدِيثُ قَبِيصَةَ فِيهِ أَنَّهُ يُصَلِّي كَأَحْدَثِ صَلَاةٍ صَلَّيْتُمُوهَا. وَأَحَدُ الْحَدِيثَيْنِ يُخَالِفُ الْآخَرَ.
ثُمَّ حَدِيثُ قَبِيصَةَ مُرْسَلٌ. ثُمَّ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رُكُوعَيْنِ، وَلَوْ قُدِّرَ التَّعَارُضُ لَكَانَ الْأَخْذُ بِأَحَادِيثِنَا أَوْلَى؛ لِصِحَّتِهَا وَشُهْرَتِهَا، وَاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ عَلَى صِحَّتِهَا، وَالْأَخْذِ بِهَا، وَاشْتِمَالِهَا عَلَى الزِّيَادَةِ، وَالزِّيَادَةُ مِنْ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ، ثُمَّ هِيَ نَافِلَةٌ عَنْ الْعَادَةِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: إنَّ أَخَاك صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. فَقَالَ: إنَّهُ أَخْطَأَ السُّنَّةَ. (١٤٦٥) فَصْلٌ: وَمَهْمَا قَرَأَ بِهِ جَازَ سَوَاءٌ كَانَتْ الْقِرَاءَةُ طَوِيلَةً أَوْ قَصِيرَةً.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ، وَقَرَأَ فِي الْأُولَى بِالْعَنْكَبُوتِ وَالرُّومِ، وَفِي الثَّانِيَةِ بِيس. أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيّ. (١٤٦٦) فَصْلٌ: وَلَمْ يَبْلُغْنَا عَنْ أَحْمَدَ، - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ لَهَا خُطْبَةً، وَأَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّهَا لَا خُطْبَةَ لَهَا. وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُخْطَبُ كَخُطْبَتَيْ الْجُمُعَةِ؛ لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انْصَرَفَ وَقَدْ انْجَلَتْ الشَّمْسُ، فَخَطَبَ النَّاسَ، وَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَادْعُوا اللَّهَ، وَكَبِّرُوا، وَصَلُّوا، وَتَصَدَّقُوا ثُمَّ قَالَ: يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، وَاَللَّهِ مَا أَحَدٌ أَغْيَرُ مِنْ اللَّهِ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ، يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلَنَا، هَذَا الْخَبَرُ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهُمْ بِالصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ وَالتَّكْبِيرِ وَالصَّدَقَةِ، وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِخُطْبَةٍ، وَلَوْ كَانَتْ سُنَّةً لَأَمَرَهُمْ بِهَا، وَلِأَنَّهَا صَلَاةٌ يَفْعَلُهَا الْمُنْفَرِدُ فِي بَيْتِهِ، فَلَمْ يُشْرَعْ لَهَا خُطْبَةٌ، وَإِنَّمَا خَطَبَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ الصَّلَاةِ لِيُعَلِّمَهُمْ حُكْمَهَا، وَهَذَا مُخْتَصٌّ بِهِ، وَلَيْسَ فِي الْخَبَرِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ خَطَبَ كَخُطْبَتَيْ الْجُمُعَةِ. (١٤٦٧) فَصْلٌ: وَيُسْتَحَبُّ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى، وَالدُّعَاءُ، وَالتَّكْبِيرُ، وَالِاسْتِغْفَارُ، وَالصَّدَقَةُ، وَالْعِتْقُ، وَالتَّقَرُّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَا اسْتَطَاعَ؛ لِخَبَرِ عَائِشَةَ هَذَا.
وَفِي خَبَرِ أَبِي مُوسَى: " فَافْزَعُوا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَدُعَائِهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute