رَوَى ابْنُ قُتَيْبَةَ، بِإِسْنَادِهِ فِي " غَرِيبِ الْحَدِيثِ "، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خَرَجَ لِلِاسْتِسْقَاءِ، فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ، يَجْهَرُ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ، وَكَانَ يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، و " سَبِّحْ اسْمَ رَبِّك الْأَعْلَى "، وَفِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ، و " هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ "، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ اسْتَقْبَلَ الْقَوْمَ بِوَجْهِهِ، وَقَلَبَ رِدَاءَهُ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَكَبَّرَ تَكْبِيرَةً قَبْلَ أَنْ يَسْتَسْقِيَ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اسْقِنَا وَأَغِثْنَا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا، وَحَيًّا رَبِيعًا، وَجَدًّا طَبَقًا غَدَقًا مُغْدِقًا مُونِقًا، هَنِيئًا مَرِيئًا مَرِيعًا مَرْبَعًا مَرْتَعًا، سَائِلًا مُسْبِلًا مُجَلِّلًا، دِيَمًا دَرُورًا، نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ، عَاجِلًا غَيْرَ رَائِثٍ؛ اللَّهُمَّ تُحْيِي بِهِ الْبِلَادَ، وَتُغِيثُ بِهِ الْعِبَادَ، وَتَجْعَلُهُ بَلَاغًا لِلْحَاضِرِ مِنَّا وَالْبَادِ، اللَّهُمَّ أَنْزِلْ فِي أَرْضِنَا زِينَتَهَا، وَأَنْزِلْ عَلَيْنَا فِي أَرْضِنَا سَكَنَهَا، اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا، فَأَحْيِي بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا، وَأَسْقِهِ مِمَّا خَلَقْت أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا.»
قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: الْمُغِيثُ: الْمُحْيِي بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى. وَالْحَيَا: الَّذِي تَحْيَا بِهِ الْأَرْضُ وَالْمَالُ. وَالْجَدَّا: الْمَطَرُ الْعَامُّ، وَمِنْهُ أُخِذَ جَدَّا الْعَطِيَّةِ، وَالْجَدْوَى مَقْصُورٌ. وَالطَّبَقُ: الَّذِي يُطْبِقُ الْأَرْضَ. وَالْغَدَقُ وَالْمُغْدِقُ: الْكَثِيرُ الْقَطْرِ. وَالْمُونِقُ: الْمُعْجِبُ. وَالْمَرِيعُ: ذُو الْمَرَاعَةِ وَالْخِصْبِ. وَالْمَرْبَعُ مِنْ قَوْلِك: رَبَعْت مَكَانَ كَذَا: إذَا أَقَمْت بِهِ. وَارْبَعْ عَلَى نَفْسِك: اُرْفُقْ.
وَالْمَرْتَعُ: مِنْ رَتَعَتْ الْإِبِلُ، إذَا أَرْعَتْ. وَالسَّابِلُ: مِنْ السَّبْلِ، وَهُوَ الْمَطَرُ. يُقَال سَبَلٌ سَابِلٌ، كَمَا يُقَال: مَطَرٌ مَاطِرٌ. وَالرَّائِثُ: الْبَطِيءُ. وَالسَّكَنُ: الْقُوَّة، لِأَنَّ الْأَرْضَ تَسْكُنُ بِهِ.
وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا اسْتَسْقَى، قَالَ: «اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا، هَنِيئًا مَرِيعًا، غَدَقًا مُجَلِّلًا، طَبَقًا سَحًّا دَائِمًا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ، وَلَا تَجْعَلْنَا مِنْ الْقَانِطِينَ، اللَّهُمَّ إنَّ بِالْعِبَادِ وَالْبِلَادِ مِنْ اللَّأْوَاءِ وَالضَّنْكِ وَالْجَهْدِ مَا لَا نَشْكُوهُ إلَّا إلَيْك، اللَّهُمَّ أَنْبِتْ لَنَا الزَّرْعَ، وَأَدِرَّ لَنَا الضَّرْعَ، وَاسْقِنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ، وَأَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِكَ، اللَّهُمَّ ارْفَعْ عَنَّا الْجَهْدَ وَالْجُوعَ وَالْعُرْيَ، وَاكْشِفْ عَنَّا مِنْ الْبَلَاءِ مَا لَا يَكْشِفُهُ غَيْرُك، اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَغْفِرُك إنَّك كُنْت غَفَّارًا، فَأَرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْنَا مِدْرَارًا»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute