للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقِطْنِيَّاتُ، بِكَسْرِ الْقَافِ: جَمْعُ قِطْنِيَّةٍ؛ وَيُجْمَعُ أَيْضًا قَطَانِيُّ.

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: هِيَ صُنُوفُ الْحُبُوبِ، مِنْ الْعَدَسِ، وَالْحِمَّصِ، وَالْأُرْزِ، وَالْجُلُبَّانِ، وَالْجُلْجُلَانِ - يَعْنِي السِّمْسِمَ - وَزَادَ غَيْرُهُ: الدُّخْنَ، وَاللُّوبِيَا، وَالْفُولَ، وَالْمَاشَ. وَسُمِّيَتْ قِطْنِيَّةً، فِعْلِيَّةٌ، مِنْ قَطَنَ يَقْطُنُ فِي الْبَيْتِ، أَيْ يَمْكُثُ فِيهِ. وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ، فِي غَيْرِ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ، أَنَّهُ لَا يُضَمُّ جِنْسٌ إلَى جِنْسٍ آخَرَ فِي تَكْمِيلِ النِّصَابِ. فَالْمَاشِيَةُ ثَلَاثَةُ أَجْنَاسٍ: الْإِبِلُ، وَالْبَقَرُ، وَالْغَنَمُ، لَا يُضَمُّ جِنْسٌ مِنْهَا إلَى آخَرَ.

وَالثِّمَارُ لَا يُضَمُّ جِنْسٌ إلَى غَيْرِهِ، فَلَا يُضَمُّ التَّمْرُ إلَى الزَّبِيبِ، وَلَا إلَى اللَّوْزِ، وَالْفُسْتُقِ، وَالْبُنْدُقِ وَلَا يُضَمُّ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ إلَى غَيْرِهِ، وَلَا تُضَمُّ الْأَثْمَارُ إلَى شَيْءٍ مِنْ السَّائِمَةِ، وَلَا مِنْ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ. وَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ، فِي أَنَّ أَنْوَاعَ الْأَجْنَاسِ يُضَمُّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ فِي إكْمَالِ النِّصَابِ. وَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ أَيْضًا فِي أَنَّ الْعُرُوضَ تُضَمُّ إلَى الْأَثْمَانِ، وَتُضَمُّ الْأَثْمَانُ إلَيْهَا، إلَّا أَنَّ الشَّافِعِيَّ لَا يَضُمُّهَا إلَّا إلَى جِنْسِ مَا اُشْتُرِيَتْ بِهِ، لِأَنَّ نِصَابَهَا مُعْتَبَرٌ بِهِ.

وَاخْتَلَفُوا فِي ضَمِّ الْحُبُوبِ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ، وَفِي ضَمِّ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ إلَى الْآخَرِ، فَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ فِي الْحُبُوبِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ؛ إحْدَاهُنَّ، لَا يُضَمُّ جِنْسٌ مِنْهَا إلَى غَيْرِهِ، وَيُعْتَبَرُ النِّصَابُ فِي كُلِّ جِنْسٍ مِنْهَا مُنْفَرِدًا هَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ، وَمَكْحُولٍ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ، وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، وَشَرِيكٍ، وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ؛ لِأَنَّهَا أَجْنَاسٌ، فَاعْتُبِرَ النِّصَابُ فِي كُلِّ جِنْسٍ مِنْهَا مُنْفَرِدًا، كَالثِّمَارِ أَيْضًا وَالْمَوَاشِي. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، أَنَّ الْحُبُوبَ كُلَّهَا تُضَمُّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ فِي تَكْمِيلِ النِّصَابِ.

اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ. وَهَذَا قَوْلُ عِكْرِمَةَ، وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ طَاوُسٌ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ الْمَاضِينَ جَمَعَ بَيْنَهُمَا إلَّا عِكْرِمَةَ. وَذَلِكَ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا زَكَاةَ فِي حَبٍّ وَلَا ثَمَرٍ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ» وَمَفْهُومُهُ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِيهِ إذَا بَلَغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ. وَلِأَنَّهَا تَتَّفِقُ فِي النِّصَابِ وَقَدْرِ الْمُخْرَجِ، وَالْمَنْبِتِ وَالْحَصَادِ، فَوَجَبَ ضَمُّ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ، كَأَنْوَاعِ الْجِنْسِ.

وَهَذَا الدَّلِيلُ مُنْتَقِضٌ بِالثِّمَارِ. وَالثَّالِثَةُ، أَنَّ الْحِنْطَةَ تُضَمُّ إلَى الشَّعِيرِ، وَتُضَمُّ الْقِطْنِيَّاتُ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ. نَقَلَهَا أَبُو الْحَارِثِ، عَنْ أَحْمَدَ، وَحَكَاهَا الْخِرَقِيِّ. قَالَ الْقَاضِي: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ. وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَاللَّيْثِ، إلَّا أَنَّهُ زَادَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>