فَقَالَ: السُّلْتُ، وَالذُّرَةُ، وَالدُّخْنُ، وَالْأُرْزُ، وَالْقَمْحُ، وَالشَّعِيرُ، صِنْفٌ وَاحِدٌ وَلَعَلَّهُ يَحْتَجُّ بِأَنَّ هَذَا كُلَّهُ مُقْتَاتٌ، فَيُضَمُّ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ، كَأَنْوَاعِ الْحِنْطَةِ. وَقَالَ الْحَسَنُ، وَالزُّهْرِيُّ: تُضَمُّ الْحِنْطَةُ إلَى الشَّعِيرِ؛ لِأَنَّهَا تَتَّفِقُ فِي الِاقْتِيَاتِ وَالْمَنْبَتِ وَالْحَصَادِ وَالْمَنَافِعِ، فَوَجَبَ ضَمُّهَا، كَمَا يُضَمُّ الْعَلَسُ إلَى الْحِنْطَةِ، وَأَنْوَاعُ الْجِنْسِ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ.
وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى أَوْلَى، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّهَا أَجْنَاسٌ يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهَا، فَلَمْ يُضَمُّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ كَالثِّمَارِ. وَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ عَلَى الْعَلَسِ مَعَ الْحِنْطَةِ؛ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْهَا، وَلَا عَلَى أَنْوَاعِ الْجِنْسِ؛ لِأَنَّ الْأَنْوَاعَ كُلَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ يَحْرُمُ التَّفَاضُلُ فِيهَا، وَثَبَتَ حُكْمُ الْجِنْسِ فِي جَمِيعِهَا، بِخِلَافِ الْأَجْنَاسِ. وَإِذَا انْقَطَعَ الْقِيَاسُ، لَمْ يَجُزْ إيجَابُ الزَّكَاةِ بِالتَّحَكُّمِ، وَلَا بِوَصْفٍ غَيْرِ مُعْتَبَرٍ، ثُمَّ هُوَ بَاطِلٌ بِالثِّمَارِ، فَإِنَّهَا تَتَّفِقُ فِيمَا ذَكَرُوهُ، وَلَا يُضَمُّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُجُوبِ، فَمَا لَمْ يَرِدْ بِالْإِيجَابِ نَصٌّ أَوْ إجْمَاعٌ أَوْ مَعْنَاهُمَا، لَا يَثْبُتُ إيجَابُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَا خِلَافَ فِيمَا نَعْلَمُهُ فِي ضَمِّ الْحِنْطَةِ إلَى الْعَلَسِ؛ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْهَا. وَعَلَى قِيَاسِهِ السُّلْتُ يُضَمُّ إلَى الشَّعِيرِ؛ لِأَنَّهُ مِنْهُ. (١٨٧٣) فَصْلٌ: وَلَا تَفْرِيعَ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ؛ لِوُضُوحِهِمَا. فَأَمَّا الثَّالِثَةُ، وَهِيَ ضَمُّ الْحِنْطَةِ إلَى الشَّعِيرِ، وَالْقِطْنِيَّاتُ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ، فَإِنَّ الذُّرَةَ تُضَمُّ إلَى الدُّخْنِ، لِتَقَارُبِهِمَا فِي الْمَقْصِدِ، فَإِنَّهُمَا يُتَّخَذَانِ خُبْزًا وَأُدْمًا، وَقَدْ ذُكِرَا مِنْ جُمْلَةِ الْقِطْنِيَّاتِ أَيْضًا، فَيَضُمَّانِ إلَيْهَا. وَأَمَّا الْبُزُورُ فَلَا تُضَمُّ إلَى الْقِطْنِيَّاتِ، وَلَكِنَّ الْأَبَازِيرَ يُضَمُّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ؛ لِتَقَارُبِهَا فِي الْمَقْصِدِ، فَأَشْبَهَتْ الْقِطْنِيَّاتِ.
وَحُبُوبُ الْبُقُولِ لَا تُضَمُّ إلَى الْقِطْنِيَّاتِ، وَلَا إلَى الْبُزُورِ، فَمَا تَقَارَبَ مِنْهَا ضُمَّ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ، وَمَا لَا فَلَا، وَمَا شَكَكْنَا فِيهِ لَا يُضَمُّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُجُوبِ، فَلَا يَجِبُ بِالشَّكِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (١٨٧٤) فَصْلٌ: وَذَكَرَ الْخِرَقِيِّ فِي ضَمِّ الذَّهَبِ إلَى الْفِضَّةِ رِوَايَتَيْنِ. وَقَدْ ذَكَرْنَاهُمَا فِيمَا مَضَى، وَاخْتَارَ أَبُو بَكْرٍ، أَنَّهُ لَا يُضَمُّ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ، مَعَ اخْتِيَارِهِ الضَّمَّ فِي الْحُبُوبِ؛ لِاخْتِلَافِ نِصَابِهِمَا، وَاتِّفَاقِ نِصَابِ الْحُبُوبِ. .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute