واستدلوا بما جاء عن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-، أنه كان إذا جلس في الركعتين كأنه على الرضف. أخرجه ابن أبي شيبة (١/ ٢٩٥) من طريقين: أحداهما فيها انقطاع؛ سلمة بن تميم لم يسمع من أبي بكر -رضي الله عنه-. والثانية: فيها رجل مبهم.
• وذهب الشافعي في الجديد، وهو الأصح عند الشافعية إلى أنه يُشرع للمصلي أن يصلي على النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في التشهد الأول.
وقد استدل بعضهم لهذا القول بحديث عائشة عند أبي عوانة (٢٢٩٥): أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كان يصلي من الليل تسع ركعات، لا يجلس فيهن إلا عند الثامنة، فيدعو ربَّه، ويصلي على نَبِيِّهِ، ثم ينهض، ولا يسلم، ثم يصلي التاسعة، فيقعد، ثم يحمد ربَّه، ويصلي على نبيه -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، ويدعو، ثم يسلم تسليمًا يُسْمِعُنا. وإسناده صحيح، وأصله في «مسلم» بغير هذا اللفظ.
قال أبو عبد الله غفر الله له: الأقرب -والله أعلم- القول الأول؛ لأنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أمر بالصلاة عليه، ولم يعين التشهد الأول أو الأخير، وقد أجمعوا على مشروعيته في الأخير دون الأول، وحديث فَضَالَة يؤيد ذلك؛ فإن فيه بعد الصلاة ذكر الدعاء، وهذا في التشهد الأخير.
ثم ظهر لي أن الإتيان به في التشهدين أقرب؛ لحديث عائشة -رضي الله عنها- في قيام الليل، الذي تقدم ذكره؛ ولأن قول الصحابة:(قد علمنا كيف نسلم عليك؛ فكيف نصلي عليك)، يشمل التشهد الأول والأخير؛ فإن السلام حاصلٌ في التشهدين؛ فكذلك الصلاة في التشهدين. (١)