مسألة [١٩]: هل للمضارب أن يأخذ من إنسان آخر مالًا مضاربة ويعمل لرجلين؟
أما إذا لم يكن على الأول ضرر؛ فيجوز بلا خلاف، سواء أذن أم لم يأذن، وكذلك يجوز إذا أذن بلا خلاف، وإن كان عليه ضرر.
• وأما إذا لم يأذن، وكان عليه ضرر: فمذهب الحنابلة عدم جواز ذلك؛ لأنَّ المضاربة يُقصَد بها الحظ والنماء، فإذا فعل ما يمنعه لم يكن له، وفي الحديث:«لا ضرر ولا ضرار».
• وقال أكثر الفقهاء: يجوز؛ لأنه عقد لا يملك به منافعه كلها؛ فلم يمنع من المضاربة كما لو لم يكن فيه ضرر، وكالأجير المشترك.
وأُجيب بالفرق؛ لأنَّ المضارب ربما يُشغل عن المضاربة الأولى والمسألة مفروضة في ذلك، وأما إذا لم يشغل ولم يحصل ضرر؛ فيجوز.
قال أبو عبد الله غفر الله له: الصحيح قول الحنابلة، وهو اختيار شيخ الإسلام، ثم الإمام ابن عثيمين؛ إلا أنَّ مذهب الحنابلة أنه إن فعل ذلك فيضم ربحه الحاصل من المضاربة الثانية إلى مال المضاربة الأولى، واختار شيخ الإسلام وآخرون أنه لا يلزمه الضم، وهو اختيار الشيخ ابن عثيمين، وإنما يأثم على تعديه.
واحتمل الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- أنه يغرم إذا فات على رب المال الأول بعض المصالح، كسلعة كانت ستباع بسعر ثمين، فذهبت الفرصة في ذلك، أو ما أشبه