واستدل الجمهور أيضًا بحديث عائشة، أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لما دخل الكعبة ما خلف بصره موضع سجوده. أخرجه الحاكم (١/ ٤٧٩)، والبيهقي (٥/ ١٥٨)، وهو من رواية عمرو بن أبي سلمة، عن زهير بن محمد التميمي، ورواية الشاميين عن زهير منكرة، وهذا منها، وقد أنكره أبو حاتم.
قلتُ: لم يصح في هذه المسألة شيء صريح يُعتمد عليه، وينظر المصلي إلى ما كان إلى الخشوع أقرب، وهو موضع السجود، والله أعلم.
قال ابن عبد البر -رحمه الله- في «التمهيد»(١٧/ ٣٩٣): قال مالك: يكون نظر المصلي أمام قبلته. وقال الثوري وأبو حنيفة والشافعي والحسن بن حي: يستحب أن يكون نظره إلى موضع سجوده. وقال شريك القاضي: ينظر في القيام إلى موضع السجود، وفي الركوع إلى موضع قدميه، وفي السجود إلى أنفه، وفي قعوده إلى حجره.
قال: وهذا كله تحديد لم يثبت به أثر، وليس بواجب في النظر، ومن نظر إلى موضع سجوده كان أسلم له وأبعد من الاشتغال بغير صلاته إن شاء الله، وبالله التوفيق. (١)
[مسألة [٢]: تغميض العينين في الصلاة.]
قال الحافظ ابن رجب -رحمه الله- في «الفتح»(٧٥٠): وأما تغميض البصر فِي الصلاة، فاختلفوا فِيهِ: فكرهه الأكثرون، منهم: أبو حنيفة، والثوري، والليث،
(١) وانظر: «الفتح» لابن رجب، ولابن حجر رقم (٧٤٦)، «النيل» (٢/ ١٩٠).