المشركون رجلين يأتيان به، فردَّه النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، فلما بلغ ذا الحليفة قتل أحدهما، وفرَّ الآخر، حتى دخل مسجد النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ... الحديث، وغيرها من الأحاديث، وهذا القول هو الصواب، وهو اختيار شيخنا مقبل الوادعي -رحمه الله-.
وأما استدلالهم بقوله تعالى:{أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ}، فليس لهم فيها مأخذ؛ لأنَّ الآية كما قال ابن كثير: وقيل: إنَّ هذه بشارة من الله للمسلمين أنه سيظهرهم على المسجد الحرام، وعلى سائر المساجد، وأنه يذل المشركين لهم حتى لا يدخل المسجد الحرام أحدٌ منهم إلا خائفًا يخاف أن يؤخذ، ويعاقب، أو يُقتل إن لم يسلم، وقد أنجز الله هذا الوعد كما تقدم من منع المشركين من دخول الحرم، وأوصى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا يبقى بجزيرة العرب دينان، وأن تُجْلَى اليهود، والنصارى منها، ولله الحمد والمنة. اهـ
قلتُ: فهذا المعنى هو الصواب في الآية، ويؤيد ذلك أنَّ آيتهم نزلت في صلح الحديبية على الصحيح، وقد تقدم في الحديث أنَّ المشرك فرَّ من أبي بصير، ودخل المسجد، وكان ذلك بعد صلح الحديبية، والله أعلم.