وإسحاق، وأحمد في رواية؛ لأنها جناية خطإٍ؛ فكان عقلها على العاقلة، كما لو كانت الجناية من غيره.
• وذهب الجمهور إلى أنَّ الجناية هدر، ولا يلزم العاقلة شيء، وهذا قول مالك، والشافعي، وأحمد، وأصحاب الرأي.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني»(١٢/ ٣٣ - ٣٤): وَهِيَ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ عَامِرَ بْنَ الْأَكْوَعِ بَارَزَ مَرْحَبًا يَوْمَ خَيْبَرَ، فَرَجَعَ سَيْفُهُ عَلَى نَفْسِهِ، فَمَاتَ (١)، وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَضَى فِيهِ بِدِيَةٍ وَلَا غَيْرِهَا، وَلَوْ وَجَبَتْ لَبَيَّنَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -؛ وَلِأَنَّهُ جَنَى عَلَى نَفْسِهِ، فَلَمْ يَضْمَنْهُ غَيْرُهُ، كَالْعَمْدِ، وَلِأَنَّ وُجُوبَ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ إنَّمَا كَانَ مُوَاسَاةً لِلْجَانِي، وَتَخْفِيفًا عَنْهُ، وَلَيْسَ عَلَى الْجَانِي هَاهُنَا شَيْءٌ يَحْتَاجُ إلَى الْإِعَانَةِ وَالْمُوَاسَاةِ فِيهِ؛ فَلَا وَجْهَ لِإِيجَابِهِ، وَيُفَارِقُ هَذَا مَا إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى غَيْرِهِ؛ فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ تَحْمِلْهُ الْعَاقِلَةُ؛ لَأَجْحَفَ بِهِ وُجُوبُ الدِّيَةِ؛ لِكَثْرَتِهَا. اهـ
[مسألة [١٩]: خطأ الإمام والحاكم وعماله.]
إن كان خطؤه في غير الحكم والاجتهاد؛ فعلى عاقلته بلا خلاف، وإن كان خطؤه في الحكم والاجتهاد؛ فعلى قولين:
• منهم من قال: على عاقلته أيضًا. وهو قول أحمد في رواية، والشافعي في قول؛ لما رُوي عن عمر -رضي الله عنه- أنه بعث إلى امرأة ذكرت بسوء، فأجهضت جنينها، فقال عمر لعلي: عزمت عليك لا تبرح حتى تقسمها على قومك. وهو أثر ضعيف،
(١) أخرجه البخاري برقم (٤١٩٦)، ومسلم برقم (١٨٠٢) عن سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه-.