المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
مسألة [١]: هل المَحْرَمُ شرطٌ لوجوب حج المرأة؟
• ذهب طائفةٌ من أهل العلم إلى أنَّ الْمَحْرَم شرطٌ لوجوب حج المرأة، ويدخل في السبيل الذي ذكره الله بقوله: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران:٩٧]، وهو قول أحمد، وإسحاق، والثوري، والشافعي في قول، وابن المنذر، وأصحاب الرأي، ومن التابعين: الحسن، والنخعي.
واستدلوا بحديث الباب، وبحديث أبي هريرة، وابن عمر، وهما في «الصحيحين»: «لا تسافر المرأة إلا ومعها ذو محرم»، وجاء عن غيرهما. (١)
• وجاء عن أحمد رواية: أنَّ الْمَحْرَمَ شرطٌ للزوم السعي لا لوجوب الحج، ورواية أخرى: أنَّ الْمَحْرَمَ لا يشترط في الحج الواجب.
• وذهب ابن سيرين، ومالك، والشافعي، والأوزاعي إلى أنَّ المحرم ليس شرطًا بحال.
قال ابن سيرين -رحمه الله-: تخرج مع رجلٍ من المسلمين، وقال مالك: تخرج مع جماعة النساء، وقال الشافعي: تخرج مع حُرَّةٍ مسلمة ثقة، وقال الأوزاعي: وتخرج مع قوم عدول.
واحتجُّوا بأنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فسَّر الاستطاعة بالزاد والراحلة، وبحديث عدي بن حاتم في «صحيح البخاري» (٣٥٩٥): «يوشك أن تخرج الظَّعِيْنَةُ من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحدًا إلا الله»، وقالوا: هو سفرٌ واجب، فلم يشترط له المحرم، كالمسلمة إذا تخلَّصت من أيدي الكفار، وهذا قول ابن حزم.
قال أبو عبد الله غفر الله له: القول الأول هو الصواب؛ للأدلة المتقدمة، قال ابن المنذر: تركوا القول بظاهر الحديث واشترط كل واحد منهم شرطًا لا حجة معه عليه.
وهو ترجيح اللجنة الدائمة، والشيخ ابن باز -رحمه الله-، وكذلك الشيخ ابن عثيمين، والشيخ مقبل الوادعي رحمة الله عليهما.
وأما أدلتهم فأولها ضعيفٌ، وثانيها ليس بصريح؛ فإنه يدل على وقوع هذا السفر لا على جوازه.
قال ابن قدامة -رحمه الله-: وأما الأسيرة إذا تخلصت من أيدي الكفار؛ فإنَّ سفرها سفر ضرورة لا يُقَاس عليه حالة الاختيار، ولذلك تخرج وحدها، ولأنها تدفع ضررًا متيقنًا بتحمل الضرر المتوهم، فلا يلزم تحمل ذلك من غير ضرر
(١) أخرجهما البخاري برقم (١٠٨٨) (١٠٨٧)، ومسلم برقم (١٣٣٩) (١٣٣٨).