قلتُ: قول شيخ الإسلام -رحمه الله- (للحديث الوارد في ذلك) يعني به ما أخرجه أبو داود (٣٣٠٥)، وأحمد (٣/ ٣٦٣)، من حديث جابر -رضي الله عنه- بإسناد صحيح: أنَّ رجلًا قال يوم الفتح: يا رسول الله، إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس، فقال:«صلِّ هاهنا»، فسأله، فقال:«صلِّ هاهنا»، فسأله، فقال:«فشأنك إذًا».
وقد صححه شيخنا الوادعي -رحمه الله- في «الجامع الصحيح»(٤/ ٤٧١)، وبوب عليه بما اقتضاه كلام شيخ الإسلام المتقدم، وبالله التوفيق.
مسألة [٣]: شد الرَّحل لزيارة القبور.
قال ابن عبد الهادي -رحمه الله- في «الصارم المنكي»(ص ١٨ - ١٩): وذكر -يعني شيخ الإسلام- في ذلك قولين للعلماء، أحدها: القول بإباحة ذلك كما يقوله بعض أصحاب الشافعي وأحمد. والثاني: أنه منهي عنه كما نص عليه إمام دار الهجرة مالك بن أنس، ولم ينقل عن أحد من الأئمة الثلاثة خلافه، وإليه ذهب جماعة من أصحاب الشافعي وأحمد.
قال: واحتجَّ الشيخ لمن قال بمنع شدِّ الرِّحال وإعمال الْمُطِّي إلى القبور بحديث مشهور متَّفق على صحَّته وثبوته، من حديث أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال:«لا تشدُّ الرِّحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى»(١). اهـ
(١) أأخرجه البخاري (١١٨٩)، ومسلم (١٣٩٧)، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.