للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فضمنها كما لو سلمها لأجنبي.

وأُجيب بالفرق؛ فإنَّ من دفعها إلى الأجنبي لم يحفظها، بل أودعها عند غيره بغير إذن بخلاف مسألتنا؛ فإنها لم تخرج من كونها وديعة عنده، والصحيح قول مالك، وأحمد، والله أعلم. (١)

مسألة [١٢]: هل للمودَع أن يسافر بالوديعة؟

قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٩/ ٢٦١): وَإِنْ أَرَادَ السَّفَرَ بِهَا وَقَدْ نَهَاهُ الْمَالِكُ عَنْ ذَلِكَ؛ ضَمِنَهَا؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِصَاحِبِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَهَاهُ، لَكِنَّ الطَّرِيقَ مَخُوفٌ، أَوْ الْبَلَدَ الَّذِي يُسَافِرُ إلَيْهِ مَخُوفٌ؛ ضَمِنَهَا؛ لِأَنَّهُ فَرَّطَ فِي حِفْظِهَا. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ؛ فَلَهُ السَّفَرُ بِهَا. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، سَوَاءٌ كَانَ بِهِ ضَرُورَةٌ إلَى السَّفَرِ أَوْ لَمْ يَكُنْ. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إنْ سَافَرَ بِهَا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى صَاحِبِهَا، أَوْ وَكِيلِهِ، أَوْ الْحَاكِمِ، أَوْ أَمِينٍ؛ ضَمِنَهَا؛ لِأَنَّهُ يُسَافِرُ بِهَا مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، أَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ السَّفَرُ مَخُوفًا.

قال -رحمه الله-: وَلَنَا أَنَّهُ نَقَلَهَا إلَى مَوْضِعٍ مَأْمُونٍ؛ فَلَمْ يَضْمَنْهَا، كَمَا لَوْ نَقَلَهَا فِي الْبَلَدِ، وَلِأَنَّهُ سَافَرَ بِهَا سَفَرًا غَيْرَ مَخُوفٍ؛ أَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَجِدْ أَحَدًا يَتْرُكُهَا عِنْدَهُ. وَيَقْوَى عِنْدِي أَنَّهُ مَتَى سَافَرَ بِهَا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى مَالِكِهَا، أَوْ نَائِبِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ؛ فَهُوَ مُفَرِّطٌ عَلَيْهِ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ عَلَى صَاحِبِهَا إمْكَانَ اسْتِرْجَاعِهَا، وَيُخَاطِرُ بِهَا .. ،


(١) انظر: «المغني» (٩/ ٢٦٠) «الشرح الكبير» (٩/ ٦٤) «بداية المجتهد» (٤/ ١١٨) «البيان» (٦/ ٤٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>