الدِّينَارُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا؛ لِأَنَّهُمْ اشْتَرَكُوا فِي الْعَمَلِ الَّذِي يُسْتَحَقُّ بِهِ الْعِوَضُ، فَاشْتَرَكُوا فِي الْعِوَضِ، كَالْأَجْرِ فِي الْإِجَارَةِ ... ؛ فَإِنْ جَعَلَ لِوَاحِدٍ فِي رَدِّهَا دِينَارًا، فَرَدَّهَا هُوَ وَآخَرَانِ مَعَهُ، وَقَالَا: رَدَدْنَا مُعَاوَنَةً لَهُ؛ اسْتَحَقَّ جَمِيعَ الْجُعْلِ، وَلَا شَيْءَ لَهُمَا، وَإِنْ قَالَا: رَدَدْنَاهُ لِنَأْخُذَ الْعِوَضَ لِأَنْفُسِنَا. فَلَا شَيْءَ لَهُمَا، وَلَهُ ثُلُثُ الْجُعْلِ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ ثُلُثَ الْعَمَلِ، فَاسْتَحَقَّ ثُلُثَ الْجُعْلِ، وَلَمْ يَسْتَحِقَّ الْآخَرَانِ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُمَا عَمِلَا مِنْ غَيْرِ جُعْلٍ. وَهَذَا كُلُّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا. اهـ
فائدة: قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٨/ ٣٢٧): وَالْجَعَالَةُ تُسَاوِي الْإِجَارَةِ فِي اعْتِبَارِ الْعِلْمِ بِالْعِوَضِ، وَمَا كَانَ عِوَضًا فِي الْإِجَارَةِ؛ جَازَ أَنْ يَكُونَ عِوَضًا فِي الْجَعَالَةِ، وَمَا لَا فَلَا، وَفِي أَنَّ مَا جَازَ أَخْذُ الْعِوَضِ عَلَيْهِ فِي الْإِجَارَةِ مِنْ الْأَعْمَالِ؛ جَازَ أَخْذُهُ عَلَيْهِ فِي الْجَعَالَةِ، وَمَا لَا يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ فِي الْإِجَارَةِ، مِثْلُ الْغِنَاءِ، وَالزَّمْرِ، وَسَائِرِ المُحَرَّمَاتِ، لَا يَجُوزُ أَخْذُ الْجُعْلِ عَلَيْهِ. اهـ
مسألة [٩]: من رد لقطةً، أو ضالةً لصاحبها بغير التزام صاحبها بجعل، فهل يستحق عوضًا؟
قال ابن قدامة -رحمه الله-: وَمَنْ رَدَّ لُقَطَةً أَوْ ضَالَّةً، أَوْ عَمِلَ لِغَيْرِهِ عَمَلًا غَيْرَ رَدِّ الْآبِقِ، بِغَيْرِ جُعْلٍ؛ لَمْ يَسْتَحِقَّ عِوَضًا. لَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ يَسْتَحِقُّ بِهِ الْعِوَضَ مَعَ المُعَاوَضَةِ، فَلَا يَسْتَحِقُّ مَعَ عَدَمِهَا، كَالْعَمَلِ فِي الْإِجَارَةِ؛ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْجُعْلِ، فَقَالَ: جَعَلْت لِي فِي رَدِّ لُقَطَتِي كَذَا. فَأَنْكَرَ الْمَالِكُ؛ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ مَعَهُ، وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى الْعِوَضِ، وَاخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ؛ فَالْقَوْلُ قَوْلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute