للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ابْنِهِ، مَا لَمْ يَقْبِضْهُ. فَعَلَى هَذَا، لَا يَصِحُّ إبْرَاؤُهُ مِنْ دَيْنِهِ، وَلَا هِبَتُهُ لِمَالِهِ، وَلَا بَيْعُهُ لَهُ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ مِلْكَ الِابْنِ تَامٌّ عَلَى مَالِ نَفْسِهِ، فَصَحَّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ، وَيَحِلُّ لَهُ وَطْءُ جَوَارِيهِ (١)، وَلَوْ كَانَ الْمِلْكُ مُشْتَرَكًا؛ لَمْ يَحِلَّ لَهُ الْوَطْءُ، كَمَا لَا يَجُوزُ وَطْءُ الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ، وَإِنَّمَا لِلْأَبِ انْتِزَاعُهُ مِنْهُ، كَالْعَيْنِ الَّتِي وَهَبَهَا إيَّاهُ، فَقَبْلَ انْتِزَاعِهَا لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ؛ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ وِلَايَةٍ، وَإِنْ كَانَ الِابْنُ صَغِيرًا؛ لَمْ يَصِحَّ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ بِمَا لَا حَظَّ لِلصَّغِيرِ فِيهِ، وَلَيْسَ مِنْ الْحَظِّ إسْقَاطُ دَيْنِهِ، وَعِتْقُ عَبْدِهِ، وَهِبَةُ مَالِهِ. اهـ

[مسألة [١١]: هل للأب أن يطأ جارية ولده؟]

قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٨/ ٢٧٦): قَالَ أَحْمَدُ: لَا يَطَأُ جَارِيَةَ الِابْنِ؛ إلَّا أَنْ يَقْبِضَهَا. يَعْنِي يَتَمَلَّكُهَا. وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا وَطِئَهَا قَبْلَ تَمَلُّكِهَا؛ فَقَدْ وَطِئَهَا وَلَيْسَتْ زَوْجَةً وَلَا مِلْكَ يَمِينٍ، وَإِنْ تَمَلَّكَهَا، لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا؛ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ مِلْكٍ؛ فَوَجَبَ الِاسْتِبْرَاءُ فِيهِ، كَمَا لَوْ اشْتَرَاهَا، وَإِنْ كَانَ الِابْنُ قَدْ وَطِئَهَا؛ لَمْ تَحِلَّ لَهُ بِحَالٍ، وَإِنْ وَطِئَهَا قَبْلَ تَمَلُّكِهَا؛ كَانَ مُحَرَّمًا مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ وَطِئَهَا قَبْلَ مِلْكِهَا. وَالثَّانِي: أَنَّهُ وَطِئَهَا قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا. وَإِنْ كَانَ الِابْنُ وَطِئَهَا؛ حُرِّمَتْ بِوَجْهِ ثَالِثٍ، وَهِيَ أَنَّهَا صَارَتْ بِمَنْزِلَةِ حَلِيلَةِ ابْنِهِ؛ فَإِنْ فَعَلَ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَضَافَ مَالَ الْوَلَدِ إلَى أَبِيهِ، فَقَالَ: «أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك»، وَإِنْ وَلَدَتْ مِنْهُ؛ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَوَلَدُهُ حُرٌّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ وَطْءٍ انْتَفَى عَنْهُ


(١) يعني بذلك الابن: له أن يطأ جواري نفسه؛ فيدل على أن ملكه ملك تام.

<<  <  ج: ص:  >  >>