[مسألة [١٢]: إذا أخر التعريف عن الحول الأول مع إمكانه؟]
قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٨/ ٢٩٧): إذَا أَخَّرَ التَّعْرِيفَ عَنْ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ، مَعَ إمْكَانِهِ؛ أَثِمَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ بِهِ فِيهِ، وَالْأَمْرُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ. وَقَالَ فِي حَدِيثِ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ: «لَا يَكْتُمُ وَلَا يُغَيِّبُ»، وَلِأَنَّ ذَلِكَ وَسِيلَةٌ إلَى أَنْ لَا يَعْرِفَهَا صَاحِبُهَا؛ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ بَعْدَ الْحَوْلِ يَيْأَسُ مِنْهَا، وَيَسْلُو عَنْهَا، وَيَتْرُكُ طَلَبِهَا، وَيَسْقُطُ التَّعْرِيفُ بِتَأْخِيرِهِ عَنْ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ، فِي المَنْصُوصِ عَنْ أَحْمَدَ؛ لِأَنَّ حِكْمَةَ التَّعْرِيفِ لَا تَحْصُلُ بَعْدَ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ تَرَكَهُ فِي بَعْضِ الْحَوْلِ، عَرَّفَ بَقِيَّتَهُ.
قال: وَيَتَخَرَّجُ أَنْ لَا يَسْقُطَ التَّعْرِيفُ بِتَأَخُّرِهِ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ، فَلَا يَسْقُطُ بِتَأْخِيرِهِ عَنْ وَقْتِهِ، كَالْعِبَادَاتِ وَسَائِرِ الْوَاجِبَاتِ، وَلِأَنَّ التَّعْرِيفَ فِي الْحَوْلِ الثَّانِي يَحْصُلُ بِهِ الْمَقْصُودُ عَلَى نَوْعٍ مِنْ الْقُصُورِ، فَيَجِبُ الْإِتْيَانُ بِهِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ»؛ فَعَلَى هَذَا إنْ أَخَّرَ التَّعْرِيفَ بَعْضَ الْحَوْلِ، أَتَى بِالتَّعْرِيفِ فِي بَقِيَّتِهِ، وَأَتَمَّهُ مِنْ الْحَوْلِ الثَّانِي.
قال: وَعَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ، لَا يَمْلِكُهَا بِالتَّعْرِيفِ فِيمَا عَدَا الْحَوْلَ الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْمِلْكِ التَّعْرِيفُ فِي الْحَوْلِ الْأَوَّلِ، وَلَمْ يُوجَدْ.
قال: وَلَوْ تَرَكَ التَّعْرِيفَ فِي بَعْضِ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ؛ لَمْ يَمْلِكْهَا أَيْضًا بِالتَّعْرِيفِ فِيمَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ لَمْ يَكْمُلْ، وَعَدَمُ بَعْضِ الشَّرْطِ كَعَدَمِ جَمِيعِهِ. اهـ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute