قال: وقال الأوزاعي، وإسحاق، وأبو ثور، وابن القاسم المالكي، وأبو يوسف، ومحمد، وداود: الواجب ما يقع عليه اسم الخطبة. وقال أبو حنيفة: يكفيه أن يقول: سبحان الله، أو باسم الله، أو الله أكبر. اهـ
قلتُ: وما ذهب إليه الأوزاعي، وإسحاق، ومن معهم هو الصواب، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-، والله أعلم.
[مسألة [٥]: قول الخطيب: (أما بعد)، بعد الحمد والثناء.]
دلَّ حديث الباب على أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كان يقول هذه الكلمة في خُطَبِهِ، وقد بوب البخاري في «صحيحه»: [باب من قال في الخطبة بعد الثناء: أما بعد]. ثم ذكر في الباب ستة أحاديث عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في ذلك.
قال الحافظ ابن رجب -رحمه الله- في «الفتح»(٥/ ٤٨٤): فَدَلَّتْ هذه الأحاديث كلها على أن الخطب كلها، سواء كانت للجمعة، أو لغيرها، وسواء كانت على المنبر، أو على الأرض، وسواء كانت من جلوس، أو قيام؛ فإنها تبتدأ بحمد الله والثناء عليه بما هو أهله، ثم يذكر بعد ذلك ما يحتاج إلى ذكره من موعظة، أو ذكر حاجة يحتاج إلى ذكرها، ويفصل بين الحمد والثناء، وبين ما بعده بقوله:(أما بعد)، والمعنى في الفصل بـ:(أما بعد) الإشعار بأن الأمور كلها وإن جلت وعظمت؛ فهي تابعة لحمد الله والثناء عليهِ، فذاك هوَ المقصود بالإضافة، وجميع المهمات تبعٌ له من أمور الدين والدنيا. انتهى المراد.