للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَوْصُوفٍ مَعْلُومٍ. وَبِهَذَا كُلِّهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، قَالَ اللهُ تَعَالَى إخْبَارًا عَنْ شُعَيْبٍ أَنَّهُ قَالَ: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} [القصص:٢٧]، فَجَعَلَ النِّكَاحَ عِوَضَ الْإِجَارَةِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ -فِيمَا حُكِيَ عَنْهُ-: لَا تَجُوزُ إجَارَةُ دَارٍ بِسُكْنَى أُخْرَى، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَخْتَلِفَ جِنْسُ الْمَنْفَعَةِ، كَسُكْنَى دَارٍ بِمَنْفَعَةِ بَهِيمَةٍ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ الْوَاحِدَ عِنْدِهِ يُحَرِّمُ النَّسَاءَ. وَكَرِهَ الثَّوْرِيُّ الْإِجَارَةَ بِطَعَامٍ مَوْصُوفٍ. وَالصَّحِيحُ جَوَازُهُ، وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَقِيَاسُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ يَجُوزُ فِي الْبَيْعِ، فَجَازَ فِي الْإِجَارَةِ، كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ. وَمَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ فِي الْإِجَارَةِ لَيْسَتْ فِي تَقْدِيرِ النَّسِيئَةِ، وَلَوْ كَانَتْ نَسِيئَةً؛ مَا جَازَ فِي جِنْسَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ بَيْعَ دَيْنٍ بِدِينٍ. اهـ (١)

مسألة [١٧]: لو استأجر راعيًا لغنمٍ بثلث درها، ونسلها، وصوفها، وشعرها؟

قال أبو محمد بن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٨/ ١٥ - ١٦): وَلَوْ اسْتَأْجَرَ رَاعِيًا لِغَنَمٍ بِثُلُثِ دَرِّهَا، وَنَسْلِهَا، وَصُوفِهَا، وَشَعْرِهَا، أَوْ نِصْفِهِ، أَوْ جَمِيعِهِ؛ لَمْ يَجُزْ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ جَعْفَرِ ابْنِ مُحَمَّدٍ النَّسَائِيّ؛ لِأَنَّ الْأَجْرَ غَيْرُ مَعْلُومٍ، وَلَا يَصْلُحُ عِوَضًا فِي الْبَيْعِ. وَقَالَ إسْمَاعِيلُ بْنِ سَعِيدٍ: سَأَلْت أَحْمَدَ عَنْ الرَّجُلِ يَدْفَعُ الْبَقَرَةَ إلَى الرَّجُلِ، عَلَى أَنْ يَعْلِفَهَا وَيَتَحَفَّظَهَا، وَمَا وَلَدَتْ مِنْ وَلَدٍ بَيْنَهُمَا؟ فَقَالَ: أَكْرَهُ ذَلِكَ. وَبِهِ قَالَ أَبُو أَيُّوبَ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ. وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعِوَضَ مَجْهُولٌ مَعْدُومٌ، وَلَا يُدْرَى أَيُوجَدُ أَمْ لَا، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ


(١) وانظر: «المحلى» (١٣١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>