للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَيْسَرَةٍ} [البقرة:٢٨٠]، وفي حديث أبي سعيد الذي سيأتي في الباب: «خذوا ما وجدتم، وليس لكم إذا ذلك»، ولم ينقل أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- باع عليه منزله، والكراء لا يُغني، فقد يكون سببًا في كثرة الديون. (١)

قال ابن قدامة -رحمه الله- (٦/ ٥٧٩): وَإِنْ كَانَ لَهُ دَارَانِ يَسْتَغْنِي بِسُكْنَى إحْدَاهُمَا، بِيعَتْ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّ بِهِ غِنًى عَنْ سُكْنَاهَا. وَإِنْ كَانَ مَسْكَنُهُ وَاسِعًا، لَا يَسْكُنُ مِثْلُهُ فِي مِثْلِهِ، بِيعَ، وَاشْتُرِيَ لَهُ مَسْكَنُ مِثْلِهِ، وَرُدَّ الْفَضْلُ عَلَى الْغُرَمَاءِ، كَالثِّيَابِ الَّتِي لَهُ إذَا كَانَتْ رَفِيعَةً لَا يَلْبَسُ مِثْلُهُ مِثْلَهَا. وَلَوْ كَانَ الْمَسْكَنُ وَالْخَادِمُ اللَّذَيْنِ لَا يَسْتَغْنِي عَنْهُمَا عَيْنَ مَالِ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ، أَوْ كَانَ جَمِيعُ مَالِهِ أَعْيَانَ أَمْوَالٍ أَفْلَسَ بِأَثْمَانِهَا، وَوَجَدَهَا أَصْحَابُهَا؛ فَلَهُمْ أَخْذُهَا، بِالشَّرَائِطِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ أَدْرَكَ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ قَدْ أَفْلَسَ؛ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ»، وَلَأنَّ حَقَّهُ تَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ؛ فَكَانَ أَقْوَى سَبَبًا مِنَ الْمُفْلِسِ ... إلخ كلامه.

مسألة [١٠]: إذا فرق مال المفلس، ولم يبق منه شيء، فهل يجبر أن يجعل نفسه أجيرًا لبعض غرمائه؟

• ذهب الإمام مالك، والشافعي، وأحمد إلى أنه لا يجبر على ذلك؛ لقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}، ولحديث أبي سعيد: «خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك»، ورجَّح هذا القول الشوكاني -رحمه الله-، وهو الصحيح.

• وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يجبر على إيجار نفسه من الغرماء، وهو قول


(١) انظر: «المغني» (٦/ ٥٧٨ - ).

<<  <  ج: ص:  >  >>