والصواب ما ذهب إليه الجمهور؛ لأنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لم يرخص للأعمى في ترك الجماعة؛ فالجمعة من باب أولى، ولأنَّه يشمله عموم الآية، وعموم حديث الباب، والله أعلم.
[مسألة [٦]: حكم البيع بعد أذان الجمعة؟]
قال الله عز وجل:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ}[الجمعة:٩]، فهذه الآية نص صريح في تحريم البيع بعد سماع النداء يوم الجمعة، والمراد به النداء الثاني الذي كان على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ لم يكن في عهده عليه الصلاة والسلام غيره، وهو حين يجلس الخطيب على المنبر. هذا هو الصحيح، وعليه أكثر العلماء.
وعن أحمد رواية: أن التحريم يحصل بالأذان الأول، وهو قول إسحاق، والأصح عند الحنفية. وعن أحمد رواية بتحريم البيع بالزوال، لا بالنداء، وقال بذلك الثوري وإسحاق في رواية.
وقد نقل إسحاق بن راهويه الإجماع على تحريم البيع. وممن صرح بالمنع الحسن، وعطاء، وأيوب، والضحاك، والشعبي، ومكحول، وعمر بن عبد العزيز.
وحكى القاضي إسماعيل عمن لم يسمه أنه يقول: مكروه. لقوله تعالى:{ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ}، ورد ذلك بقول تعالى:{وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ}.