للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الممتحنة:٨ - ٩].

فإن الله سبحانه لما نهى في أول السورة عن اتخاذ المسلمين الكفار أولياء، وقطع المودة بينهم وبينهم؛ توهم بعضهم أن بِرَّهم والإحسان إليهم من الموالاة والمودة، فبين الله سبحانه أن ذلك ليس من الموالاة المنهي عنها، وأنه لم ينه عن ذلك، بل هو من الإحسان الذي يحبه ويرضاه، وكتبه على كل شيء.

وإنما المنهي عنه تولي الكفار، والإلقاء إليهم بالمودة، ولا ريب أنَّ جعل الكفر بالله وتكذيب رسوله موجبًا، وشرطًا في الاستحقاق من أعظم موالاة الكفار المنهي عنها؛ فلا يصح من المسلم، ولا يجوز للحاكم تنفيذه من أوقاف الكفار، فأما إذا وقفوا ذلك فيما بينهم ولم يتحاكموا إلينا ولا استفتونا عن حكمه؛ لم يتعرض لهم فيه وحكمه حكم عقودهم وأنكحتهم الفاسدة. اهـ (١)

مسألة [١٩]: الوقف على الحَرْبي.

قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (١/ ٢٣٦): ولا يصح الوقف على المرتد، ولا على الحربي؛ لأنَّ أموالهم مباحة في الأصل، ويجوز أخذها منهم بالقهر والغلبة، فما يتجدد لهم أولى، والوقف لا يجوز أن يكون مباحَ الأخذ؛ لأنه تحبيس الأصل. اهـ

قلتُ: ويدل عليه قوله تعالى: {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}. (٢)


(١) وانظر: «البيان» (٨/ ٦٤) «المغني» (٨/ ٢٣٤ - ٢٣٥).
(٢) وانظر: «الإنصاف» (٧/ ١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>