للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نفسك»، فهذا يدل على أنَّ ذمته لم تبرأ.

قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: وأما ما استدلوا به من تأخير البيان فلا دلالة فيه؛ لأنَّ العلم بالوجوب قد تقدم، ولم يرد بالحديث ما يدل على الإسقاط؛ لأنه لما أخبره بعجزه ثم أمره بإخراج العرق؛ دلَّ هذا على أنْ لا سقوط على العاجز، ولعله أخر البيان إلى وقت الحاجة وهو القدرة. اهـ

قال ابن عبد البر -رحمه الله-: إن احتج مُحتَجٌّ في إسقاط الكفارة عن المعسر بأنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له: «كُلْهُ أَنْتَ وَعِيَالُك»، ولم يقل له: (تؤديها إذا أيسرت)، ولو كانت واجبة عليه لم تسقط عنه حتى يبين ذلك له؟ قيل له: ولا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (إنها ساقطة عنك لعسرتك) بعد أن أخبره بوجوبها عليه، وكل ما وجب أداؤه في اليسار لزم الذمة إلى الميسرة، والله أعلم. اهـ

وهذا القول هو الراجح -أعني قول الجمهور- وهو ترجيح ابن حزمٍ -رحمه الله-. (١)

مسألة [٢٤]: هل يُشترط في الرقبة أن تكون مؤمنة؟

• ذهب الجمهور إلى اشتراط الإيمان؛ حملًا للمطلق في قوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «هل تجد رقبة تعتقها؟» على المقيد في كفارة القتل في قوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء:٩٢]، وإنما قيد المطلق؛ لأنَّ القياس يقتضي ذلك، فيكون تقييدًا بالقياس، كالتخصيص بالقياس، والعلة الجامعة هنا هو أنَّ جميع ذلك كفارة عن ذنب.

واستدلوا بحديث معاوية بن الحكم السُّلَمِي -رضي الله عنه- في «صحيح مسلم»


(١) انظر: «الفتح» (١٩٣٦)، «المغني» (٤/ ٣٨٥)، «الاستذكار» (١٠/ ١٠٥ - ١٠٧)، «شرح كتاب الصيام من العمدة» (١/ ٢٩٦ - )، «المحلَّى» (٧٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>