للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السعي فيها بتحصيلها سعيًا فيما لا ينتفع به في دنياه وآخرته، ومثل هذا لا يجوز، وهو إنما مقصوده في الوقف التقرب إلى الله تعالى، والشارع أعلم من الواقفين بما يتقرب به إلى الله تعالى، فالواجب أن يعمل في شروطهم بما شرطه الله، ورضيه في شروطهم، وإن كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد قال: «لا سبق إلا في نصل، أو خف، أو حافر»، وعمل بهذا الحديث فقهاء الحديث ومتابعوهم، فنُهي عن بذل المال في المسابقة إلا في مسابقة يُستعان بها على الجهاد الذي هو طاعة لله تعالى، فكيف يجوز أن يبذل الجعل المؤبد لمن يعمل دائمًا عملًا ليس طاعة لله تعالى. اهـ (١)

[مسألة [٢٢]: إذا وقف على نفسه، فهل يصح؟]

• ذهب الشافعي، وأحمد في رواية، وأكثر المالكية إلى أنَّ الوقف لا يصح؛ لأن الوقف تمليكٌ للرقبة، والمنفعة، ولا يجوز أن يملك نفسه من نفسه كما في البيع والهبة.

• وذهب جماعة من أهل العلم إلى صحة ذلك، وهو قول أحمد في رواية، واختارها جماعة من أصحابه، وهو قول ابن أبي ليلى، وابن شبرمة، وأبي يوسف، وابن سريج، واستدلوا بأنَّ عمر اشترط لمن وليها أن يأكل منها، ثم وليها بنفسه، وعثمان أوقف بئر رومة على نفسه والمسلمين (٢)، وكما أنه يقف وقفًا عامًّا ينتفع به، فكذلك إذا خصَّ نفسه بالانتفاع، وهذا القول رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-، ثم الشوكاني -رحمه الله-.


(١) انظر: «مجموع الفتاوى» (٣١/ ٥٨ - ٦١).
(٢) سيأتي تخريجه قريبًا إن شاء الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>