للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِهِ (١)؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى عِوَضَهُ. وَهَاتَانِ الرِّوَايَتَانِ عَنْ الصَّحَابَةِ هُمَا قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ، وَرِوَايَتَانِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَمَالِكٌ أَخَذَ بِقَوْلِ عُمَرَ، وَأَبُو حَنِيفَةَ أَخَذَ بِقَوْلِ عَلِيٍّ كَرَّمَ الله وَجْهَهُ.

وَقَوْلُ عُمَرَ أَفْقَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى أَنَّهُ يَسْتَمْتِعُ بِالْمَهْرِ، وَإِنَّمَا دَخَلَ عَلَى الِاسْتِمْتَاعِ بِالثَّمَنِ، وَقَدْ بَذَلَهُ، وَأَيْضًا فَالْبَائِعُ ضَمِنَ لَهُ بِعَقْدِ الْبَيْعِ سَلَامَةَ الْوَطْءِ كَمَا ضَمِنَ لَهُ سَلَامَةَ الْوَلَدِ (٢). فَكَمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ؛ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْمَهْرِ. فَإِنْ قِيلَ: فَمَا تَقُولُونَ فِي أُجْرَةِ الِاسْتِخْدَامِ إذَا ضَمَّنَهُ إيَّاهَا الْمُسْتَحِقُّ، هَلْ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْغَارِّ؟.

قُلْنَا: نَعَمْ، يَرْجِعُ بِهَا، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَقَدْ قَضَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ كَرَّمَ الله وَجْهَهُ أَيْضًا بِأَنَّ الرَّجُلَ إذَا وَجَدَ امْرَأَتَهُ بَرْصَاءَ، أَوْ عَمْيَاءَ، أَوْ مَجْنُونَةً، فَدَخَلَ بِهَا؛ فَلَهَا الصَّدَاقُ، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ. (٣) وَهَذَا مَحْضُ الْقِيَاسِ، وَالْمِيزَانِ الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ لَمَّا لَمْ يُعْلِمْهُ وَأَتْلَفَ عَلَيْهِ الْمَهْرَ؛ لَزِمَهُ غُرْمُهُ. انتهى بِنَصِّه.

[مسألة [٢٢]: هل تصح تصرفات الغاصب؟]

قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٧/ ٣٩٩): وَتَصَرُّفَاتُ الْغَاصِبِ كَتَصَرُّفَاتِ الْفُضُولِيِّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا: بُطْلَانُهَا. وَالثَّانِيَةُ: صِحَّتُهَا


(١) أخرجه البيهقي (٥/ ٥٢٦) من طريق علي بن الحسين، عن جده علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، وهو منقطع؛ لأنه لم يدرك جده عليًا -رضي الله عنه-.
(٢) يعني بذلك: سلامته من أن يكون مستحقًّا لرجلٍ آخر.
(٣) سيأتي تخريجه في «البلوغ» رقم (١٠١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>