وَالتَّصَرُّفَ فِيهَا، وَهَذِهِ هِبَة مَخْصُوصَة.
وَمِنْهَا: أَنْ يُعْرِي عَامِل الصَّدَقَة لِصَاحِبِ الْحَائِطِ مَنْ حَائِطه نَخَلَات مَعْلُومَة لَا يَخْرُصُهَا فِي الصَّدَقَةِ. وَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ مِنْ الْعَرَايَا لَا يَبِيعُ فِيهَا.
قال: وَجَمِيعُ هَذِهِ الصُّوَرِ صَحِيحَة عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ، وَقَصَرَ مَالِك الْعَرِيَّة فِي الْبَيْعِ عَلَى الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ، وَقَصَرَهَا أَبُو عُبَيْد عَلَى الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ صُوَرِ الْبَيْعِ، وَزَادَ أَنَّهُ رَخَّصَ لَهُمْ أَنْ يَأْكُلُوا الرُّطَبَ وَلَا يَشْتَرُوهُ لِتِجَارَة وَلَا اِدِّخَار. وَمَنَعَ أَبُو حَنِيفَة صُوَر الْبَيْعِ كُلّهَا، وَقَصَرَ الْعَرِيَّة عَلَى الْهِبَةِ، وَهُوَ أَنْ يُعْرِيَ الرَّجُل تَمْر نَخلَةٍ مِنْ نَخْلِهِ، وَلَا يُسَلِّمُ ذَلِكَ لَهُ، ثُمَّ يَبْدُو لَهُ فِي اِرْتِجَاع تِلْكَ الْهِبَة، فَرَخَّصَ لَهُ أَنْ يَحْتَبِسَ ذَلِكَ وَيُعْطِيَهُ بِقَدْرِ مَا وَهَبَهُ لَهُ مِنْ الرُّطَبِ بِخَرْصِهِ تَمْرًا، وَحَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ أَخْذُهُ بِعُمُومِ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ، وَتُعُقِّبَ بِالتَّصْرِيحِ بِاسْتِثْنَاءِ الْعَرَايَا فِي حَدِيثِ اِبْن عُمَر كَمَا تَقَدَّمَ وَفِي حَدِيث غَيْرِهِ. انتهى من «الفتح» [باب (٨٤) من كتاب البيوع]. (١)
[مسألة [٢]: حكم بيع العرايا.]
قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٦/ ١١٩ - ١٢٠): إبَاحَةُ بَيْعِ الْعَرَايَا فِي الْجُمْلَةِ هُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، مِنْهُمْ: مَالِكٌ، وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَهْلُ الشَّامِ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَحِلُّ بَيْعُهَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمُزَابَنَةِ، وَالْمُزَابَنَةُ، بَيْعُ الثَّمَرِ بِالتَّمَرِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِأَنَّهُ
(١) وانظر: «المغني» (٦/ ١٢٣ - ١٢٤)، «الأوسط» (١٠/ ٨١).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute