مسألة [٥]: هل يشترط في العوض أن يكون معلومًا؟
قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٨/ ٣٢٤): وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْعِوَضُ مَعْلُومًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَمَلِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَى كَوْنِ الْعَمَلِ مَجْهُولًا، بِأَنْ لَا يَعْلَمَ مَوْضِعَ الضَّالَّةِ وَالْآبِقِ، وَلَا حَاجَةَ تَدْعُو إلَى جَهَالَةِ الْعِوَضِ. وَالثَّانِي: أَنَّ الْعَمَلَ لَا يَصِيرُ لَازِمًا، فَلَمْ يَجِبْ كَوْنُهُ مَعْلُومًا، وَالْعِوَضُ يَصِيرُ لَازِمًا بِإِتْمَامِ الْعَمَلِ؛ فَوَجَبَ كَوْنُهُ مَعْلُومًا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَجُوزَ الْجَعَالَةُ مَعَ جَهَالَةِ الْعِوَضِ إذَا كَانَتْ الْجَهَالَةُ لَا تَمْنَعُ التَّسْلِيمَ، نَحْوَ أَنْ يَقُولَ: مَنْ رَدَّ عَبْدِي الْآبِقَ فَلَهُ نِصْفُهُ، وَمَنْ رَدَّ ضَالَّتِي فَلَهُ ثُلُثُهَا. فَإِنَّ أَحْمَدَ قَالَ: إذَا قَالَ الْأَمِيرُ فِي الْغَزْوِ: مَنْ جَاءَ بِعَشَرَةِ رُءُوسٍ؛ فَلَهُ رَأْسٌ؛ جَازَ. وَقَالُوا: إذَا جَعَلَ جُعْلًا لِمَنْ يَدُلُّهُ عَلَى قَلْعَةٍ، أَوْ طَرِيقٍ سَهْلٍ، وَكَانَ الْجُعْلُ مِنْ مَالِ الْكُفَّارِ؛ جَازَ أَنْ يَكُونَ مَجْهُولًا، كَجَارِيَةٍ يُعَيِّنُهَا الْعَامِلُ فَيُخَرَّجُ هَاهُنَا مِثْلُهُ. فَأَمَّا إنْ كَانَتْ الْجَهَالَةُ تَمْنَعُ التَّسْلِيمَ؛ لَمْ تَصِحَّ الْجَعَالَةُ وَجْهًا وَاحِدًا. اهـ
قلتُ: وقد ذهب ابن القيم -رحمه الله- إلى جواز الجعالة بنصيب شائع لا يمنع التسليم، كقوله: من رد عبدي؛ فله نصفه. «أعلام الموقعين» (١/ ٣٨٥). (١)
[مسألة [٦]: إذا علق الجعالة بكون العمل في مدة معلومة، أو مكان معلوم؟]
قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٨/ ٣٢٤): وَإِنْ كَانَ الْعَمَلُ مَعْلُومًا، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: مَنْ رَدَّ عَبْدِي مِنْ الْبَصْرَةِ، أَوْ بَنَى لِي هَذَا الْحَائِطَ، أَوْ خَاطَ قَمِيصِي هَذَا، فَلَهُ
(١) وانظر: «المغني» (٨/ ٣٢٤) «البيان» (٧/ ٤٠٨).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute