ثم استدلَّ على ذلك بقصة أبيض بن حمَّال أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أقطعه الملح بمأرب، فقيل: يا رسول الله، أقطعته الماء الْعِدَّ الجاري فاسترجعه منه. أخرجه أبو داود (٣٠٦٤)، والترمذي (١٣٨٠)، وابن ماجه (٢٤٧٥)، وهو حديث ضعيفٌ؛ في إسناده مجاهيل.
ثم قال -رحمه الله-: وَلِأَنَّ هَذَا تَتَعَلَّقُ بِهِ مَصَالِحُ المُسْلِمِينَ الْعَامَّةُ؛ فَلَمْ يَجُزْ إحْيَاؤُهُ، وَلَا إقْطَاعُهُ، كَمَشَارِعِ الْمَاءِ، وَطُرُقَاتِ الْمُسْلِمِينَ.
ثم قال -رحمه الله-: وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا. اهـ
قال أبو حسين العمراني في «البيان»(٧/ ٤٨٧): فإن سبق واحد إلى شيء من هذه المعادن الظاهرة؛ أخذه وملكه؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من سبق إلى مالم يسبق إليه؛ فهو أحق به»؛ فإن أخذ منها وانصرف، وجاء غيره وأخذ منها وانصرف، وعلى هذا يأخذون، واحد بعد واحد ... ؛ جاز.