مُدَّةٍ فَمَضَتْ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَسْتَقِرُّ الْأَجْرُ عَلَيْهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْمَنْفَعَةَ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ غَيْرِ مُؤَقَّتَةٍ بِزَمَنٍ، فَلَمْ يَسْتَقِرَّ بَدَلُهَا قَبْلَ اسْتِيفَائِهَا، كَالْأَجْرِ لِلْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ. اهـ
قلتُ: والقول الأول أقرب، والله أعلم؛ إلا أن يكون تأخره حصل برضى المؤجر.
[مسألة [٢٠]: إذا بذلت له العين المؤجرة، فلم يأخذها، فهل يضمن وعليه الأجرة؟]
قال أبو محمد بن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٨/ ١٩): فَإِنْ بَذَلَ تَسْلِيمَ الْعَيْنِ، فَلَمْ يَأْخُذْهَا المُسْتَأْجِرُ حَتَّى انْقَضَتْ المُدَّةُ؛ اسْتَقَرَّ الْأَجْرُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ المَنَافِعَ تَلِفَتْ بِاخْتِيَارِهِ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، فَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْأَجْرُ، كَمَا لَوْ كَانَتْ فِي يَدِهِ، وَإِنْ بَذَلَ تَسْلِيمَ الْعَيْنِ، وَكَانَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى عَمَلٍ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا: إذَا مَضَتْ مُدَّةٌ يُمْكِنُ الِاسْتِيفَاءُ فِيهَا؛ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْأَجْرُ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّ المَنَافِعَ تَلِفَتْ بِاخْتِيَارِهِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا أَجْرَ عَلَيْهِ. وَهُوَ أَصَحُّ عِنْدِيّ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ؛ فَلَمْ يَسْتَقِرَّ عِوَضُهُ بِبَذْلِ التَّسْلِيمِ، كَالمُسْلَمِ فِيهِ، وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ غَيْرِ مُؤَقَّتَةٍ بِزَمَنٍ، فَلَمْ يَسْتَقِرَّ عِوَضُهَا بِالْبَذْلِ، كَالصَّدَاقِ إذَا بَذَلَتْ تَسْلِيمَ نَفْسِهَا وَامْتَنَعَ الزَّوْجُ مِنْ أَخْذِهَا. اهـ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute