للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَا هُوَ لَازِمٌ، بَلْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الرُّجُوعُ عَمَّا بَذَلَهُ، وَالْعَوْدُ فِيمَا قَالَهُ؛ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ إبَاحَةٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ، فَجَرَى مَجْرَى قَوْلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ: اُسْكُنْ دَارِي، وَأَسْكُنُ دَارَك. مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ مُدَّةٍ، وَلَا ذِكْرِ شُرُوطِ الْإِجَارَةِ، أَوْ قَوْلِهِ: أَبَحْتُك الْأَكْلَ مِنْ ثَمَرَةِ بُسْتَانِي، فَأَبِحْنِي الْأَكْلَ مِنْ ثَمَرَة بُسْتَانِك. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: دَعْنِي أُجْرِي فِي أَرْضِك مَاءً، وَلَك أَنْ تَسْقِيَ بِهِ مَا شِئْت، وَتَشْرَبَ مِنْهُ.

وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَهَذَا مِثْلُهُ بَلْ أَوْلَى؛ فَإِنَّ هَذَا مِمَّا تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَيْهِ كَثِيرًا، وَفِي إلْزَامِ الْقَطْعِ ضَرَرٌ كَبِيرٌ، وَإِتْلَافُ أَمْوَالٍ كَثِيرَةٍ، وَفِي التَّرْكِ مِنْ غَيْرِ نَفْعٍ يَصِلُ إلَى صَاحِبِ الْهَوَاءِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ، وَفِيمَا ذَكَرْنَاهُ جَمْعٌ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ، وَنَظَرٌ لِلْفَرِيقَيْنِ، وَهُوَ عَلَى وَفْقِ الْأُصُولِ؛ فَكَانَ أَوْلَى. اهـ

[مسألة [٨]: الصلح على المجهول.]

وصورته مثلًا: أن يعلم رجلان أنَّ هذه الأرض ملك لهما، ولا يعلم كل واحد منهما نصيبه، فيتصالحا على أن تجعل الأرض بينهما نصفين.

• فهذه الصورة تجوز عند الحنابلة إذا لم يمكن معرفة المجهول، ومنع من ذلك الشافعي؛ لأنَّ الصلح عنده يكون على تنازل عن بعض الحق، وهذا لم يعلم قدر حقه حتى يصالح عليه.

والصواب قول الحنابلة، وهو ترجيح الشوكاني -رحمه الله- كما في «الدراري».

تنبيه: إذا أمكن معرفة المجهول؛ فلا يجوز الصلح حتى يعلم، على مذهب

<<  <  ج: ص:  >  >>