للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[مسألة [١٦]: إذا امتنع من الإنفاق مع القدرة عليه؟]

قال أبو محمد بن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (١١/ ٣٦٣): إِنْ قَدَرَتْ لَهُ عَلَى مَالٍ؛ أَخَذَتْ مِنْهُ قَدْرَ حَاجَتِهَا، وَلَا خِيَارَ لَهَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ هِنْدًا بِالْأَخْذِ، وَلَمْ يَجْعَلْ لَهَا الْفَسْخَ، وَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ؛ رَافَعَتْهُ إلَى الْحَاكِمِ، فَيَأْمُرُهُ بِالْإِنْفَاقِ، وَيُجْبِرُهُ عَلَيْهِ؛ فَإِنْ أَبَى حَبَسَهُ؛ فَإِنْ صَبَرَ عَلَى الْحَبْسِ؛ أَخَذَ الْحَاكِمُ النَّفَقَةَ مِنْ مَالِهِ؛ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا عُرُوضًا أَوْ عَقَارًا؛ بَاعَهَا فِي ذَلِكَ.

وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَأَبُو ثَوْرٍ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: النَّفَقَةُ فِي مَالِهِ مِنْ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ، وَلَا يَبِيعُ عَرْضًا إلَّا بِتَسْلِيمٍ؛ لِأَنَّ بَيْعَ مَالِ الْإِنْسَانِ لَا يَنْفُذُ إلَّا بِإِذْنِهِ، أَوْ إذْنِ وَلِيِّهِ، وَلَا وِلَايَةَ عَلَى الرَّشِيدِ.

وَلَنَا قَوْلُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لِهِنْدٍ: «خُذِي مَا يَكْفِيك»، وَلَمْ يُفَرِّقْ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ مَالٌ لَهُ، فَتُؤْخَذُ مِنْهُ النَّفَقَةُ، كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، وَلِلْحَاكِمِ وِلَايَةٌ عَلَيْهِ إذَا امْتَنَعَ، بِدَلِيلِ وِلَايَته عَلَى دَرَاهِمِهِ وَدَنَانِيرِهِ. اهـ

[مسألة [١٧]: إن كان عليها له دين، وأراد أن يسقط النفقة بمقابله؟]

إن كانت موسرة؛ فله ذلك، وإن كانت معسرة؛ فليس له ذلك؛ لقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة:٢٨٠]. (١)

تنبيه: الفسخ للحاكم، وليس للمرأة أن تفسخ بنفسها؛ لأنه فسخ مُخْتَلَف فيه، ولأنَّ جعله لغير الحاكم فتح باب للفساد، ولا يجوز للحاكم الفسخ إلا


(١) انظر: «المغني» (١١/ ٣٦٥) «البيان» (١١/ ٢٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>