والصحيح القول الأول، والله أعلم. (١)
مسألة [١٨]: الشروط التي يُعقد لأهل الذمة بها.
قال ابن قدامة -رحمه الله-: الْمَأْخُوذُ فِي أَحْكَامِ الذِّمَّةِ يَنْقَسِمُ خَمْسَةَ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: مَا لَا يَتِمُّ الْعَقْدُ إلَّا بِذِكْرِهِ، وَهُوَ شَيْئَانِ: الْتِزَامُ الْجِزْيَةِ، وَجَرَيَانُ أَحْكَامِنَا عَلَيْهِمْ؛ فَإِنْ أَخَلَّ بِذِكْرِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ. وَفِي مَعْنَاهُمَا تَرْكُ قِتَالِ المُسْلِمِينَ؛ فَإِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ لَفْظَهُ، فَذِكْرُ المُعَاهَدَةِ يَقْتَضِيه.
الْقِسْمُ الثَّانِي: مَا فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى المُسْلِمِينَ فِي أَنْفُسِهِمْ، وَهُوَ ثَمَانِي خِصَالٍ، وَذَلِكَ مِثْل: الزِّنَى بِمُسْلِمَةٍ، وَإِصَابَتُهَا بِاسْمِ نِكَاحٍ، وَفَتْنُ مُسْلِمٍ عَنْ دِينِهِ، وَقَطْعُ الطَّرِيقِ عَلَيْهِ، وَقَتْلُهُ، وَإِيوَاءُ جَاسُوسِ المُشْرِكِينَ، وَالمُعَاوَنَةُ عَلَى المُسْلِمِينَ بِدَلَالَةِ المُشْرِكِينَ عَلَى عَوْرَاتِهِمْ أَوْ مُكَاتَبَتِهِمْ.
الْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَا فِيهِ غَضَاضَةٌ عَلَى المُسْلِمِينَ، وَهُوَ ذِكْرُ رَبِّهِمْ، أَوْ كِتَابِهِمْ أَوْ دِينِهِمْ، أَوْ رَسُولِهِمْ بِسُوءٍ.
الْقِسْمُ الرَّابِعُ: مَا فِيهِ إظْهَارُ مُنْكَرٍ، وَهُوَ خَمْسَةُ أَشْيَاءَ: إحْدَاثُ الْبِيَعِ وَالْكَنَائِسِ وَنَحْوِهَا، وَرَفْعُ أَصْوَاتِهِمْ بِكُتُبِهِمْ بَيْنَ المُسْلِمِينَ، وَإِظْهَارُ الْخَمْرِ، وَالْخِنْزِيرِ، وَالضَّرْبُ بِالنَّوَاقِيسِ، وَتَعْلِيَةُ الْبُنْيَانِ عَلَى أَبْنِيَةِ المُسْلِمِينَ، وَالْإِقَامَةُ بِالْحِجَازِ، وَدُخُولُ الْحَرَمِ، فَيَلْزَمُهُمْ الْكَفُّ عَنْهُ، سَوَاءٌ شَرَطَ عَلَيْهِمْ أَوْ لَمْ يَشْرُطْ، فِي جَمِيعِ مَا فِي هَذِهِ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ.
(١) «المغني» (١٣/ ٢٤١).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute