للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[مسألة [٥]: هل يصح إقرار المكره؟]

قال أبو محمد بن قدامة -رحمه الله-: وَأَمَّا الْمُكْرَهُ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِمَا أُكْرِهَ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِقَوْلِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ، وَالنِّسْيَانُ، وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» (١)، وَلِأَنَّهُ قَوْلٌ أُكْرِهَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَلَمْ يَصِحَّ كَالْبَيْعِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِغَيْرِ مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ، مِثْلُ أَنْ يُكْرَهَ عَلَى الْإِقْرَارِ لِرَجُلٍ، فَأَقَرَّ لِغَيْرِهِ، أَوْ بِنَوْعٍ مِنْ الْمَالِ، فَيُقِرَّ بِغَيْرِهِ، أَوْ عَلَى الْإِقْرَارِ بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ، فَأَقَرَّ بِطَلَاقِ أُخْرَى، أَوْ أَقَرَّ بِعِتْقِ عَبْدٍ؛ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمَا لَمْ يُكْرَهْ عَلَيْهِ، فَصَحَّ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ ابْتِدَاءً. اهـ

قال الإمام ابن عثيمين -رحمه الله-: إذا أكره على شيء فأقر بخلافه عينًا، أو وصفًا أخذ بإقراره؛ مالم نعلم أنه يريد المبالغة من أجل الفكاك والخلاص ممن أكرهه؛ وذلك لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى»، وقوله: «إنما أقضي بنحو ما أسمع» (٢)، ومن سمع هذا وعلم أن الرجل يريد المبالغة لا يمكن أن يوقعه عليه. اهـ (٣)

[مسألة [٦]: هل يصح إقرار العبد؟]

• أما إذا أقرَّ على نفسه بما يوجب القصاص بالنفس فمذهب أحمد، وزفر، والمزني، وداود، والطبري أنه يُسقط حقَّ سيده بإقراره، فلا يقبل إقراره؛ لأنه


(١) انظر تخريجه في «جامع العلوم والحكم» رقم (٣٩).
(٢) سيأتي في «البلوغ» رقم (١٣٨٨).
(٣) انظر: «المغني» (٧/ ٢٦٤) «الشرح الممتع» (٦/ ٦٦٩ - ٦٧٠) «المهذب» (٢٠/ ٢٩٠) مع التكملة.

<<  <  ج: ص:  >  >>