[مسألة [٢١]: من أصاب جناية في حال ردته.]
قال أبو محمد بن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (١٢/ ٢٩٨): وَالصَّحِيحُ أَنَّ مَا أَصَابَهُ الْمُرْتَدُّ بَعْدَ لُحُوقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ، أَوْ كَوْنِهِ فِي جَمَاعَةٍ مُمْتَنِعَةٍ، لَا يَضْمَنُهُ؛ لِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي آخِرِ الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا، وَمَا فَعَلَهُ قَبْلَ هَذَا، أُخِذَ بِهِ، إذَا كَانَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ آدَمِيٍّ، كَالْجِنَايَةِ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ؛ لِأَنَّهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، فَلَزِمَهُ حُكْمُ جِنَايَتِهِ، كَالذِّمِّيِّ وَالْمُسْتَأْمَنِ.
وَأَمَّا إنْ ارْتَكَبَ حَدًّا خَالِصًا لله تَعَالَى، كَالزِّنَى، وَشُرْبِ الْخَمْرِ، وَالسَّرِقَةِ؛ فَإِنَّهُ إنْ قُتِلَ بِالرِّدَّةِ؛ سَقَطَ مَا سِوَى الْقَتْلِ مِنْ الْحُدُودِ؛ لِأَنَّهُ مَتَى اجْتَمَعَ مَعَ الْقَتْلِ حَدٌّ، اُكْتُفِيَ بِالْقَتْلِ، وَإِنْ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ، أُخِذَ بِحَدِّ الزِّنَى وَالسَّرِقَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْإِسْلَامِ، فَأُخِذَ بِهِمَا، كَالذِّمِّيِّ وَالْمُسْتَأْمَنِ.
قال: وَأَمَّا حَدُّ الْخَمْرِ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَجِبَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ كَافِرٌ، فَلَا يُقَامُ عَلَيْهِ حَدُّ الْخَمْرِ كَسَائِرِ الْكُفَّارِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجِبَ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ رِدَّتِهِ، وَهَذَا مِنْ أَحْكَامِهِ، فَلَمْ يَسْقُطْ بِجَحْدِهِ بَعْدَهُ، وَاَللهُ أَعْلَمُ. اهـ
[مسألة [٢٢]: من انتقل من دين غير الإسلام إلى دين آخر غير الإسلام.]
أما إن انتقل الكتابي إلى دين غير أهل الكتاب؛ فلا يقر عليه بلا خلاف، كعبادة الأوثان وغيرها؛ وذلك لأنَّ الأصلي منهم لا يقر عليه، فالمنتقل إليه أولى.
ومثله الانتقال إلى المجوسية؛ لأنها ملة أنقص من ملة أهل الكتاب.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute