للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الآية قد أفادت الترتيب بقرائن أخرى تقدم ذكرها، والله أعلم.

وهو ترجيح الشيخ ابن عثيمين، والشيخ مقبل الوادعي رحمة الله عليهما. (١)

[مسألة [٢]: هل تدخل المضمضة، والاستنشاق في وجوب الترتيب؟]

قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (١/ ١٧١): وَلَا يَجِبُ التَّرْتِيبُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ غَسْلِ بَقِيَّةِ الْوَجْهِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَجْزَائِهِ، وَلَكِنْ الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأَ بِهِمَا قَبْلَ الْوَجْهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ وَصَفَ وُضُوءَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ذَكَرَ أَنَّهُ بَدَأَ بِهِمَا؛ إلَّا شَيْئًا نَادِرًا.

وَهَلْ يَجِبُ التَّرْتِيبُ، وَالْمُوَالَاةُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ غَيْرِ الْوَجْهِ؟

عَلَى رِوَايَتَيْنِ:

إحْدَاهُمَا: تَجِبُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ الْوَجْهِ، فَوَجَبَ غَسْلُهُمَا قَبْلَ غَسْلِ الْيَدَيْنِ لِلْآيَةِ، وَقِيَاسًا عَلَى سَائِرِ أَجْزَائِهِ.

وَالثَّانِيَةُ: لَا تَجِبُ، بَلْ لَوْ تَرَكَهُمَا فِي وُضُوئِهِ، وَصَلَّى، تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، وَأَعَادَ الصَّلَاةَ، وَلَمْ يُعِدْ الْوُضُوءَ؛ لِمَا رَوَى الْمِقْدَامُ بْنُ مَعْدِي كَرِبَ، أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أُتِيَ بِوَضُوءٍ، فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. (٢)


(١) انظر: «شرح المهذب» (١/ ٤٤٣ - ٤٤٦)، «المغني» (١/ ١٩٠)، «الأوسط» (١/ ٤٢٢)، «الشرح الممتع» (١/ ١٥٤).
(٢) أخرجه أبو داود برقم (١٢١) من طريق حريز، حدثني عبد الرحمن بن ميسرة الحضرمي، سمعت المقدام بن معدي الكندي به، وعبد الرحمن بن ميسرة، لم يوثقه معتمد، وقد تفرد بجعل المضمضة بعد غسل الذراعين، وهذا شذوذ منه؛ فقد خالف جميع من وصف وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ حيث ذكروا المضمضة والاستنشاق في أول الوضوء بعد غسل الكفين.

<<  <  ج: ص:  >  >>