للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إلا لفائدة، فلو لم يكن الترتيب واجبًا لما قطع النظير عن نظيره؛ فإن قيل: فائدته استحباب الترتيب. فالجواب من وجهين، أحدهما: أنَّ الأمر للوجوب على المختار، وهو مذهب جمهور الفقهاء. والثاني: أنَّ الآية بيان للوضوء الواجب لا للمسنون، فليس فيها شيء من سنن الوضوء.

٢) أن مذهب العرب إذا ذكرت أشياء، وعطفت بعضها على بعض تبتدئ الأقرب، فالأقرب، لا يخالف ذلك إلا لمقصود، فلما بدأ سبحانه بالوجه، ثم اليدين، ثم الرأس، ثم الرجلين، دلَّ على الأمر بالترتيب، وإلا لقال: فاغسلوا وجوهكم وامسحوا برؤوسكم، واغسلوا أيديكم وأرجلكم. (١)

٣) هذه الجملة وقعت جوابًا للشرط، وما كان جوابًا للشرط؛ فإنه يكون مرتبًا حسب وقوع الجواب، ولأنَّ الله ذكرها مرتبة، وقد قال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «أَبْدَأُ بِما بَدَأَ اللهُ بِهِ»، وكذلك فإن جميع الواصفين لوضوئه -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ما ذكروه إلا مرتبًا. (٢)

القول الثاني: استحباب الترتيب، وجواز مخالفة الترتيب، وهو قول الأوزاعي، وأبي حنيفة، ومالك، وأصحابهما، والمزني، وداود، وهو قول ابن المسيب، والحسن، وعطاء، ومكحول، والزهري، ونقله البغوي عن أكثر العلماء، واختاره ابن المنذر، واستدلوا بالآية، وقالوا: الواو لا تفيد الترتيب.

والراجح هو القول الأول؛ لأن (الواو) وإن كانت لا تفيد الترتيب، ولكن


(١) «شرح المهذب» (١/ ٤٤٤ - ٤٤٥).
(٢) «الشرح الممتع» (١/ ١٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>