قال الحافظ ابن رجب -رحمه الله- (٩١٠): مما يدخل في التفريق بين اثنين: الجلوس بينهما إن كانا جالسين، أو القيام بينهما أن كانا قائمين في صلاة؛ فإن كان ذلك من غير تضييق عليهما، ولا دفع، ولا أذى، مثل أن يكون بينهما فرجة؛ فإنه يجوز، بل يستحب؛ لأنه مأمور بِسَدِّ الخلل في الصف، وإلَّا فهو منهي عنه، إلَّا أن يأذنا في ذلك. وروى عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«لا يحل للرجل أن يفرق بين اثنين؛ إلا بإذنهما»(١)، خرّجه الإمام أحمد، وأبو داود، والترمذي. وقال: حديثٌ حسنٌ. فإن كان الجالسان بينهما قرابة، أو كانا يتحدثان فيما يباح، كان أشد كراهةً. اهـ
[مسألة [١٠]: إذا ازدحم المصلون في المسجد، ولم يستطع بعضهم أن يسجد على الأرض، فكيف يصنع؟]
قال الإمام النووي -رحمه الله- في «شرح المهذب»(٤/ ٥٧٥): أما إذا زُحم عن السجود، وأمكنه السجود على ظهر أخيه؛ فقد ذكرنا أنَّ الصحيح من مذهبنا أنه يلزمه ذلك، وبه قال عمر بن الخطاب، ومجاهد، والثوري، وأبو حنيفة، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وداود، وابن المنذر، وقال عطاء، والزهري، والحكم، ومالك: لا يجوز ذلك، بل ينتظر زوال الزحمة؛ فلو سجد لم يجزئه. وقال الحسن البصري: هو مُخَيَّرٌ بين السجود على ظهره، والانتظار. وقال نافع مولى ابن عمر: يومئ برأسه. انتهى المراد.
(١) أخرجه أحمد (٢/ ٢١٣)، وأبو داود (٤٨٤٥)، والترمذي (٢٧٥٢)، وإسناده حسن.