أَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ؛ لِأَنَّ حَقَّهَا قَدْ فَاتَ بِغَيْبَتِهِ عَنْهَا. وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَجْعَلَ قَضَاءَهُ لِذَلِكَ غَيْبَتَهُ عَنْ الْأُخْرَى، مِثْلُ مَا غَابَ عَنْ هَذِهِ؛ جَازَ؛ لِأَنَّ التَّسْوِيَةَ تَحْصُلُ بِذَلِكَ؛ وَلِأَنَّهُ إذَا جَازَ لَهُ تَرْكُ اللَّيْلَةِ بِكَمَالِهَا فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، فَبَعْضُهَا أَوْلَى.
قال: إذَا ثَبَتَ هَذَا؛ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ قَضَاؤُهُ كُلَّهُ مِنْ لَيْلَةِ الْأُخْرَى؛ لِئَلَّا يَفُوتَ حَقُّ الْأُخْرَى، فَتَحْتَاجَ إلَى قَضَاءٍ، وَلَكِنْ إمَّا أَنْ يَنْفَرِدَ بِنَفْسِهِ فِي لَيْلَةٍ، فَيَقْضِيَ مِنْهَا، وَإِمَّا أَنْ يَقْسِمَ لَيْلَةً بَيْنَهُنَّ، وَيُفَضِّلُ هَذِهِ بِقَدْرِ مَا فَاتَ مِنْ حَقِّهَا، وَإِمَّا أَنْ يَتْرُكَ مِنْ لَيْلَةِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِثْلَ مَا فَاتَ مِنْ لَيْلَةِ هَذِهِ، وَإِمَّا أَنْ يَقْسِمَ المَتْرُوكَ بَيْنَهُمَا، مِثْلُ أَنْ يَتْرُكَ مِنْ لَيْلَةِ إحْدَاهُمَا سَاعَتَيْنِ، فَيَقْضِيَ لَهَا مِنْ لَيْلَةِ الْأُخْرَى سَاعَةً وَاحِدَةً، فَيَصِيرَ الْفَائِتُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا سَاعَةً. اهـ (١)
[مسألة [٩]: الدخول على امرأة في زمن الأخرى؟]
قال ابن قدامة -رحمه الله- (١٠/ ٢٤٤): وَأَمَّا الدُّخُولُ عَلَى ضَرَّتِهَا فِي زَمَنِهَا؛ فَإِنْ كَانَ لَيْلًا لَمْ يَجُزْ إلَّا لضَرُورَةٍ، مِثْل أَنْ تَكُونَ مَنْزُولًا بِهَا، فَيُرِيدُ أَنْ يَحْضُرَهَا، أَوْ تُوصِي إلَيْهِ، أَوْ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ؛ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَلْبَثْ أَنَّ خَرَجَ؛ لَمْ يَقْضِ. وَإِنْ أَقَامَ وَبَرَأتْ الْمَرْأَةُ الْمَرِيضَةُ؛ قَضَى لِلْأُخْرَى مِنْ لَيْلَتِهَا بِقَدْرِ مَا أَقَامَ عِنْدَهَا. وَإِنْ خَرَجَ لَحَاجَةٍ غَيْرِ ضَرُورِيَّةٍ؛ أَثِمَ. وَالْحُكْمُ فِي الْقَضَاءِ، كَمَا لَوْ دَخَلَ لَضَرُورَةٍ إن لم يَلبثْ أنْ خرجَ لم يقضِ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي قَضَاءِ الْيَسِيرِ، وَإِنْ دَخَلَ عَلَيْهَا، فَجَامَعَهَا فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ، فَفِيهِ وَجْهَانِ:
(١) وانظر: «البيان» (٩/ ٥١٧ - ٥١٨).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute