للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لِأَنَّهُ قَتَلَهُ بِمَا يَقْتُلُ مِثْلُهُ غَالِبًا، فَأَشْبَهَ الضَّرْبَ بِمُثْقَلٍ كَبِيرٍ. وَمِنْ هَذَا النَّوْعِ لَوْ عَصَرَ خُصْيَتَهُ عَصْرًا شَدِيدًا فَقَتَلَهُ بِعَصْرٍ يَقْتُلُ مِثْلُهُ غَالِبًا؛ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ.

قال: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَاهُ، فَهُوَ عَمْدُ الْخَطَإِ، وَفِيهِ الدِّيَةُ، إلَّا أَنْ يَصْغُرَ جِدًّا، كَالضَّرْبَةِ بِالْقَلَمِ وَالْإِصْبَعِ فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ، وَنَحْوِ هَذَا مِمَّا لَا يُتَوَهَّمُ الْقَتْلُ بِهِ، فَلَا قَوَدَ فِيهِ، وَلَا دِيَةَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمُتْ بِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ مَسَّهُ بِالْكَبِيرِ، وَلَمْ يَضْرِبْهُ بِهِ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ إنَّمَا تَجِبُ بِالْقَتْلِ، وَلَيْسَ هَذَا بِقَتْلٍ. اهـ (١)

مسألة [٥]: إذا منع خروج نَفَسِ إنسان، فمات؟

قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (١١/ ٤٥٠): النَّوْعُ الثَّالِثُ: أَنْ يَمْنَعَ خُرُوجَ نَفَسِهِ، وَهُوَ ضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَجْعَلَ فِي عُنُقِهِ خِرَاطَةً، ثُمَّ يُعَلِّقَهُ فِي خَشَبَةٍ أَوْ شَيْءٍ، بِحَيْثُ يَرْتَفِعُ عَنْ الْأَرْضِ، فَيَخْتَنِقُ وَيَمُوتُ، فَهَذَا عَمْدٌ، سَوَاءٌ مَاتَ فِي الْحَالِ أَوْ بَقِيَ زَمَنًا؛ لِأَنَّ هَذَا أَوْحَى أَنْوَاعِ الْخَنْقِ، وَهُوَ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِفِعْلِهِ مِنْ الْوُلَاةِ فِي اللُّصُوصِ وَأَشْبَاهِهِمْ مِنْ الْمُفْسِدِينَ. وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَخْنُقَهُ وَهُوَ عَلَى الْأَرْضِ بِيَدَيْهِ، أَوْ مِنْدِيلٍ، أَوْ حَبْلٍ، أَوْ يَغمَّهِ بِوِسَادَةٍ، أَوْ شَيْءٍ يَضَعُهُ عَلَى فِيهِ وَأَنْفِهِ، أَوْ يَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِمَا فَيَمُوتَ، فَهَذَا إنْ فَعَلَ بِهِ ذَلِكَ مُدَّةً يَمُوتُ فِي مِثْلِهَا غَالِبًا، فَمَاتَ؛ فَهُوَ عَمْدٌ فِيهِ الْقِصَاصُ. وَبِهِ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْد الْعَزِيزِ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِنْ فَعَلَهُ فِي مُدَّةٍ لَا يَمُوتُ فِي مِثْلِهَا غَالِبًا، فَمَاتَ؛ فَهُوَ عَمْدُ الْخَطَإِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ يَسِيرًا فِي الْعَادَةِ، بِحَيْثُ لَا يُتَوَهَّمُ الْمَوْتُ مِنْهُ، فَلَا يُوجِبُ


(١) وانظر نحو ذلك في «البيان» (١١/ ٣٣٧ - ٣٣٨) «الأوسط» (١٣/ ٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>