قال: وَلَنَا أَنَّهُ إذَا فَرَضَ لَهَا كَثِيرًا، فَقَدْ بَذَلَ مِنْ مَالِهِ فَوْقَ مَا يَلْزَمُهُ، وَإِنْ رَضِيت بِالْيَسِيرِ؛ فَقَدْ رَضِيت بِدُونِ مَا يَجِبُ لَهَا، فَلَا تُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ. وَقَوْلُهُمْ (إنَّهُ بَدَلٌ) غَيْرُ صَحِيحٍ؛ فَإِنَّ الْبَدَلَ غَيْرُ الْمُبْدَلِ، وَالْمَفْرُوضُ إنْ كَانَ نَاقِصًا فَهُوَ بَعْضُهُ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ فَهُوَ الْوَاجِبُ وَزِيَادَةٌ؛ فَلَا يَصِحُّ جَعْلُهُ بَدَلًا، وَلَوْ كَانَ بَدَلًا لَمَا جَازَ مَعَ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّهُ يُبْدِلُ مَا فِيهِ الرِّبَا بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا.
قال: فَأَمَّا إنْ تَشَاحَّا فِيهِ، فَفَرَضَ لَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ؛ فَلَيْسَ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِسِوَاهُ؛ فَإِنْ لَمْ تَرْضَ بِهِ، لَمْ يَسْتَقِرَّ لَهَا حَتَّى تَرْضَاهُ؛ فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، فَلَيْسَ لَهَا إلَّا الْمُتْعَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لَهَا بِفَرْضِهِ مَا لَمْ تَرْضَ بِهِ، كَحَالَةِ الِابْتِدَاءِ، وَإِنْ فَرَضَ لَهَا أَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ؛ فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِتَمَامِهِ.
قال: وَإِنْ تَشَاحَّا، وَارْتَفَعَا إلَى الْحَاكِمِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْرِضَ لَهَا إلَّا مَهْرَ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ مَيْلٌ عَلَيْهِ، وَالنُّقْصَانَ مِيلٌ عَلَيْهَا، وَالْعَدْلُ الْمِثْلُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُفْرَضُ بَدَلُ الْبُضْعِ، فَيُقَدَّرُ بِهِ، كَالسِّلْعَةِ إذَا تَلِفَتْ فَرَجَعَا فِي تَقْوِيمِهَا إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ، وَيُعْتَبَرُ مَعْرِفَةُ مَهْرِ الْمِثْلِ لِيُتَوَصَّلَ إلَى إمْكَانِ فَرْضِهِ، وَمَتَى صَحَّ الْفَرْضُ؛ صَارَ كَالمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ فِي أَنَّهُ يَتَنَصَّفُ بِالطَّلَاقِ، وَلَا تَجِبُ المُتْعَةُ مَعَهُ، وَإِذَا فَرَضَهُ الْحَاكِمُ؛ لَزِمَ مَا فَرَضَهُ، سَوَاءٌ رَضِيَتْهُ أَوْ لَمْ تَرْضَهُ، كَمَا يَلْزَمُ مَا حَكَمَ بِهِ. اهـ
[مسألة [١٨]: متى يجب المهر للمفوضة؟]
• مذهب الحنابلة، والحنفية، وبعض الشافعية أنه يجب المهر لها بالعقد، وهو قول الثوري، وأبي ثور، وابن المنذر، وأفتى بذلك ابن مسعود -رضي الله عنه-.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute