للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إلَّا بِالتَّقْوِيمِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ إذَا غَرَسَ، أَوْ بَنَى، أَوْ الْمُشْتَرِيَ؛ كَانَ لِلْمُعِيرِ وَالشَّفِيعِ أَنْ يَدْفَعَا قِيمَةَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِلْأَرْضِ، فَهَاهُنَا أَوْلَى. اهـ (١)

قلتُ: قول ابن قدامة: (وَإِنْ طَلَبَ الْعَامِلُ الْبَيْعَ، وَأَبَى رَبُّ الْمَالِ، وَقَدْ ظَهَرَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ؛ أُجْبِرَ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْبَيْعِ) يظهر لي والله أعلم: أنه ليس لازمًا على رب المال البيع؛ لأنه يمكن أن يعرف الربح بمجرد التقويم، ثم يلزمه إعطاء العامل حقه.

مسألة [٣٦]: المضاربة بمالٍ جزافًا؟

قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٧/ ١٨٣): وَمَنْ شَرْطِ الْمُضَارَبَةِ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مَعْلُومَ الْمِقْدَارِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَجْهُولًا وَلَا جُزَافًا، وَلَوْ شَاهَدَاهُ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: يَصِحُّ إذَا شَاهَدَاهُ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ مَعَ يَمِينِهِ فِي قَدْرِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينُ رَبِّ الْمَالِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيمَا فِي يَدَيْهِ؛ فَقَامَ ذَلِكَ مَقَامَ الْمَعْرِفَةِ بِهِ.

قال: وَلَنَا أَنَّهُ مَجْهُولٌ؛ فَلَمْ تَصِحَّ الْمُضَارَبَةُ بِهِ، كَمَا لَوْ لَمْ يُشَاهِدَاهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي بِكَمْ يَرْجِعُ عِنْد الْمُفَاصَلَةِ، وَلِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ وَالِاخْتِلَافِ فِي مِقْدَارِهِ؛ فَلَمْ يَصِحَّ، كَمَا لَوْ كَانَ فِي الْكِيسِ. وَمَا ذَكَرُوهُ يَبْطُلُ بِالسَّلَمِ، وَبِمَا إذَا لَمْ يُشَاهِدَاهُ. اهـ

قلتُ: والصحيح قول أحمد، والشافعي، ولكن إن دفعه إليه توكيلًا له بأن يحسبه


(١) وانظر: «الإنصاف» (٥/ ٤٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>