جَمِيعًا، وَإِنْ قَالَ: لِبَنِيَّ، أَوْ بَنِي فُلَانٍ. فَهُوَ لِلذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ وَالْخَنَاثَى. هَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ. وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَقَالَ الْحَسَنُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ: هُوَ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَوْصَى لِبَنِي فُلَانٍ وَهُمْ قَبِيلَةٌ؛ دَخَلَ فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: إنْ كَانُوا ذُكُورًا وَإِنَاثًا؛ فَهُوَ بَيْنَهُمْ، وَإِنْ كُنَّ بَنَاتٍ لَا ذَكَرَ مَعَهُنَّ، فَلَا شَيْءَ لَهُنَّ؛ لِأَنَّهُ مَتَى اجْتَمَعَ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ غَلَبَ لَفْظُ التَّذْكِيرِ، وَدَخَلَ فِيهِ الْإِنَاثُ، كَلَفْظِ المُسْلِمِينَ وَالمُشْرِكِينَ.
قال: وَلَنَا أَنَّ لَفْظَ الْبَنِينَ يَخْتَصُّ الذُّكُورَ، قَالَ الله تَعَالَى: {أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ} [الصافات:١٥٣]، وَقَالَ تَعَالَى: {أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ} [الزخرف:١٦]، وَقَالَ: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ} [آل عمران:١٤]، وَقَالَ: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف:٤٦]، وَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُمْ لَا يَشْتَهُونَ الْبَنَاتِ، فَقَالَ: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ * وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى} [النحل: ٥٧ - ٥٨] الْآيَةَ، وَإِنَّمَا دَخَلُوا فِي الِاسْمِ إذَا صَارُوا قَبِيلَةً؛ لِأَنَّ الِاسْمَ نُقِلَ فِيهِمْ عَنْ الْحَقِيقَةِ إلَى الْعُرْفِ، وَلِهَذَا تَقُولُ الْمَرْأَةُ: أَنَا مِنْ بَنِي فُلَانٍ. إذَا انْتَسَبَتْ إلَى الْقَبِيلَةِ، وَلَا تَقُولُ ذَلِكَ إذَا انْتَسَبَتْ إلَى أَبِيهَا.
[مسألة [٣٥]: إذا أوصى لبنات فلان هل يدخل فيه الذكور؟]
قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٨/ ٤٥٠): دَخَلَ فِيهِ الْإِنَاثُ دُونَ غَيْرِهِنَّ. لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، وَلَا يَدْخُلُ فِيهِنَّ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ؛ لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ كَوْنَهُ أُنْثَى. اهـ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute