صِحَّتِهِ؛ لِقَوْلِهِ فِي رَجُلَيْنِ، قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ: (مَا اشْتَرَيْت مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَنَا): إنَّهُ جَائِزٌ. وَأَعْجَبَهُ، وَلِأَنَّ الشَّرِيكَ وَالْمُضَارِبَ وَكِيلَانِ فِي شِرَاءِ مَا شَاءَ. فَعَلَى هَذَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ إلَّا بِثَمَنِ الْمِثْلِ فَمَا دُونِ، وَلَا يَشْتَرِيَ مَا لَا يَقْدِرُ الْمُوَكِّلُ عَلَى ثَمَنِهِ، وَلَا مَا لَا يَرَى الْمَصْلَحَةَ لَهُ فِي شِرَائِهِ. اهـ
قلتُ: كأن ابن قدامة يميل إلى الرواية الثانية، وهي أقرب، والله أعلم.
[مسألة [٩]: العقود التي لا يصح التوكيل فيها.]
قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٧/ ١٩٨): لَا نَعْلَمُ خِلَافًا فِي جَوَازِ التَّوْكِيلِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا الدَّلِيلَ عَلَيْهِ مِنْ الْآيَةِ وَالْخَبَرِ، وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إلَى التَّوْكِيلِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مِمَّنْ لَا يُحْسِنُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ، أَوْ لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ إلَى السُّوقِ، وَقَدْ يَكُونُ لَهُ مَالٌ وَلَا يُحْسِنُ التِّجَارَةَ فِيهِ، وَقَدْ يُحْسِنُ وَلَا يَتَفَرَّغُ.
قال: وَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِي الْحَوَالَةِ، وَالرَّهْنِ، وَالضَّمَانِ، وَالْكَفَالَةِ، وَالشَّرِكَةِ، وَالْوَدِيعَةِ، وَالمُضَارَبَةِ، وَالْجَعَالَةِ، وَالمُسَاقَاةِ، وَالْإِجَارَةِ، وَالْقَرْضِ، وَالصُّلْحِ، وَالْوَصِيَّةِ، وَالْهِبَةِ، وَالْوَقْفِ، وَالصَّدَقَةِ، وَالْفَسْخِ، وَالْإِبْرَاءِ؛ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْبَيْعِ فِي الْحَاجَةِ إلَى التَّوْكِيلِ فِيهَا فَيَثْبُتُ فِيهَا حُكْمُهُ وَلَا نَعْلَمُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ اخْتِلَافًا. اهـ
قلتُ: قد خالف ابن حزم في بعض ما ذُكر، كالهبة، والعفو، والإبراء، والصلح، وغيرها، والصحيح الجواز؛ لما ذكره ابن قدامة. (١)
(١) انظر: «المحلى» (١٣٦٣).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute