قال: وَأَمَّا آلَةُ اللَّهْوِ كَالطُّنْبُورِ، وَالْمِزْمَارِ، وَالشَّبَّابَةِ، فَلَا قَطْعَ فِيهِ، وَإِنْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ مُفَصَّلًا نِصَابًا. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ.
قال: وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ بَعْدَ زَوَالِ تَأْلِيفِهِ نِصَابًا، فَفِيهِ الْقَطْعُ، وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ سَرَقَ مَا قِيمَتُهُ نِصَابٌ، لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ، مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْقَطْعِ؛ فَوَجَبَ قَطْعُهُ، كَمَا لَوْ كَانَ ذَهَبًا مَكْسُورًا.
قال: وَلَنَا أَنَّهُ آلَةٌ لِلْمَعْصِيَةِ بِالْإِجْمَاعِ، فَلَمْ يُقْطَعْ بِسَرِقَتِهِ، كَالْخَمْرِ؛ وَلِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي أَخْذِهَا لِكَسْرِهَا، فَكَانَ ذَلِكَ شُبْهَةً مَانِعَةً مِنْ الْقَطْعِ، كَاسْتِحْقَاقِهِ مَالَ وَلَدِهِ.
قال: فَإِنْ كَانَتْ عَلَيْهِ حِلْيَةٌ تَبْلُغُ نِصَابًا، فَلَا قَطْعَ فِيهِ أَيْضًا فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ؛ لِأَنَّهُ مُتَّصِلٌ بِمَا لَا قَطْعَ فِيهِ، فَأَشْبَهَ الْخَشَبَ وَالْأَوْتَارَ. وَقَالَ الْقَاضِي: فِيهِ الْقَطْعُ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ سَرَقَ نِصَابًا مِنْ حِرْزِهِ، فَأَشْبَهَ الْمُنْفَرِدَ. اهـ
قلتُ: الصحيح قول الشافعي، أعني في المسألة الأخيرة.
مسألة [٦]: إن سرق صليبًا من ذهب أو فضة؟
قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (١٢/ ٤٥٨): وَإِنْ سَرَقَ صَلِيبًا مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، يَبْلُغُ نِصَابًا مُتَّصِلًا، فَقَالَ الْقَاضِي: لَا قَطْعَ فِيهِ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يُقْطَعُ سَارِقُهُ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَوَجْهُ الْمَذْهَبَيْنِ مَا تَقَدَّمَ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ الَّتِي قَبْلَهَا: أَنَّ الَّتِي قَبْلَهَا لَهُ كَسْرُهُ، بِحَيْثُ لَا تَبْقَى لَهُ قِيمَةٌ تَبْلُغُ نِصَابًا، وَهَا هُنَا لَوْ كُسِرَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ بِكُلِّ وَجْهٍ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute