• هذه المسألة مما كَثُرَ فيها النزاع بين الفقهاء، حتى ألفوا فيها مصنفات، فممن أفردها بالتصنيف: ابن خزيمة، وابن حبان، والدارقطني، والبيهقي، وابن عبد البر، وآخرون.
وسأذكر في هذه المسألة أصح، وأشهر ما عند الفريقين من الأدلة:
فأما القائلون بالإسرار بالبسملة فاحتجوا بحديث أنس المذكور في الباب، وبحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- في «صحيح مسلم»(٣٩٥)، عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، قال:«قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال الله تعالى: حمدني عبدي»، واحتجوا بحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- في «صحيح مسلم»(٥٩٩): أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كان إذا قام في الركعة الثانية استفتح القراءة بـ:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، ولم يسكت.
واستدلوا بحديث عائشة -رضي الله عنها- في «صحيح مسلم»(٤٩٨): أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كان يستفتح الصلاة بالتكبير، والقراءة بـ:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، وقالوا: هذا هو عمل كبار الصحابة، كما حكاه أنس عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وذكره ابن المنذر عن علي، وعمار، بإسناد فيه: شريك القاضي، وهو سيء الحفظ، وذكره عن ابن مسعود، بإسناد فيه: سعيد بن المرزبان، وهو ضعيفٌ.