قال ابن رجب -رحمه الله-: وألحق أصحاب مالكٍ به: كل من له رائحةٌ كريهةٌ يتأذى بها، كالحُرَّاثِ، والحُوَّاتِ.
ثم قال: وفيه نظر؛ فإن هذا أثر عملٍ مباحٍ، وصاحبه محتاج اليه، فينبغي أن يُؤمر إذا شهد الصلاة في جماعة بالغسل، وإزالة ما يتأذى برائحته منه، كما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - من كان يشهد الجمعة من الأنصار الذين كانوا يعملون في نخلهم، ويلبسون الصوف، ويفوح ريحهم بالغسل. انتهى المراد.
فائدة: جاء في «سنن أبي داود»(٣٨٢٦)، و «مسند أحمد»(٤/ ٢٤٩)، وغيرهما، عن المغيرة بن شعبة أنه أكل ثومًا، ثم جاء ليصلي مع النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، فوجد النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ريح الثوم، فلما قضى الصلاة قال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «من أكل ثومًا؛ فلا يُصليَّنَّ معنا»، قال: فأتيته، فقلت: يا رسول الله، إني لي عذرًا. قال: فأخذتُ يده، فأدخلتها في كُمِّي، فوجد صدري معصوبًا، فقال:«إنَّ لك عذرًا».
وهو حديث ظاهره الصحة، ولكن الإمام الدارقطني -رحمه الله- رجَّحَ في «العلل»(٧/ ١٤٠ - ١٤١)، أنه من مراسيل أبي بردة بن أبي موسى.
فائدة أخرى: البصل، والثوم المطبوخ جائزٌ؛ لما أخرجه أبو داود (٣٨٢٧)، والنسائي في «الكبرى»(٦٦٨١)، من حديث معاوية بن قُرَّة، عن أبيه قُرَّة بن إياس، أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- نهى عن هاتين الشجرتين، وقال:«من أكلهما؛ فلا يقربن مسجدنا»، وقال:«إن كنتم لابُدَّ آكليها؛ فأميتوهما طبخًا»، يعني: البصل، والثوم، والحديث في «الصحيح المسند».