للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• واختلفوا فيما يصنع بها؟ فبعضهم قال: يعرفها أبدًا. وبعضهم قال: يخير بين تعريفها أبدًا، أو دفعها للحاكم. وبعضهم قال: يتصدق بها بعد الحول؛ لأنَّ الخبر ورد في الأثمان، والعروض ليست كالأثمان.

واستدل الجمهور بعموم الحديث: «من وجد لقطة ... » «سئل عن اللقطة .. »، ورجح هذا ابن قدامة، وهو الصحيح، والله أعلم. (١)

مسألة [١٥]: إذا التقط لقطة عازمًا على تملكها بغير تعريف، ثم عرفها؟

قال ابن قدامة المقدسي -رحمه الله- في «المغني» (٨/ ٣٠٧): إذَا الْتَقَطَ لُقَطَةً، عَازِمًا عَلَى تَمَلُّكِهَا بِغَيْرِ تَعْرِيفٍ؛ فَقَدْ فَعَلَ مُحَرَّمًا، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُهَا بِهَذِهِ النِّيَّةِ، فَإِذَا أَخَذَهَا؛ لَزِمَهُ ضَمَانُهَا، سَوَاءٌ تَلِفَتْ بِتَفْرِيطٍ أَوْ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ، وَلَا يَمْلِكُهَا وَإِنْ عَرَّفَهَا؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ مَالَ غَيْرِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهُ، فَأَشْبَهَ الْغَاصِبَ. نَصَّ عَلَى هَذَا أَحْمَدُ.

قال: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَمْلِكَهَا؛ لِأَنَّ مِلْكَهَا بِالتَّعْرِيفِ وَالِالْتِقَاطِ، وَقَدْ وُجِدَ، فَيَمْلِكُهَا بِهِ، كَالِاصْطِيَادِ وَالِاحْتِشَاشِ؛ فَإِنَّهُ لَوْ دَخَلَ حَائِطًا لِغَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَاحْتَشَّ أَوْ اصْطَادَ مِنْهُ صَيْدًا؛ مَلَكَهُ، وَإِنْ كَانَ دُخُولُهُ مُحَرَّمًا، كَذَا هَاهُنَا، وَلِأَنَّ عُمُومَ النَّصِّ يَتَنَاوَلُ هَذَا الْمُلْتَقَطَ، فَيَثْبُتُ حُكْمُهُ فِيهِ، وَلِأَنَّنَا لَوْ اعْتَبَرْنَا نِيَّةَ التَّعْرِيفِ وَقْتَ الِالْتِقَاطِ؛ لَافْتَرَقَ الْحَالُ بَيْنَ الْعَدْلِ، وَالْفَاسِقِ، وَالصَّبِيِّ، وَالسَّفِيه؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى هَؤُلَاءِ الِالْتِقَاطُ لِلتَّمَلُّكِ مِنْ غَيْرِ تَعْرِيفٍ. اهـ


(١) انظر: «المغني» (٨/ ٣٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>