للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[مسألة [١٩]: إذا وهب الدين لغير من هو في ذمته، أو باعه إياه؟]

• قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٧/ ٢٥١): وَإِنْ وَهَبَ الدَّيْنَ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ فِي ذِمَّتِهِ، أَوْ بَاعَهُ إيَّاهُ؛ لَمْ يَصِحَّ. وَبِهِ قَالَ فِي الْبَيْعِ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيُّ، وَإِسْحَاقُ. قَالَ أَحْمَدُ: إذَا كَانَ لَك عَلَى رَجُلٍ طَعَامٌ قَرْضًا، فَبِعْهُ مِنْ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ بِنَقْدٍ، وَلَا تَبِعْهُ مِنْ غَيْرِهِ بِنَقْدٍ وَلَا نَسِيئَةٍ، وَإِذَا أَقْرَضْت رَجُلًا دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ، فَلَا تَأْخُذْ مِنْ غَيْرِهِ عَرَضًا بِمَا لَك عَلَيْهِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إنْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى مُعْسِرٍ، أَوْ مُمَاطِلٍ، أَوْ جَاحِدٍ لَهُ؛ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ مَعْجُوزٌ عَنْ تَسْلِيمِهِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى مَلِيْئٍ بَاذِلٍ لَهُ، فَفِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ ابْتَاعَ بِمَالٍ ثَابِتٍ فِي الذِّمَّةِ، فَصَحَّ كَمَا لَوْ اشْتَرَى فِي ذِمَّتِهِ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِعَيْنٍ، أَوْ يَتَقَابَضَانِ فِي المَجْلِسِ؛ لِئَلَّا يَكُونَ بَيْعَ دَيْنٍ بِدَيْنٍ. وَلَنَا أَنَّهُ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ، فَلَمْ يَصِحَّ، كَبَيْعِ الْآبِقِ.

قال: فَأَمَّا هِبَتُهُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا تَصِحَّ، كَالْبَيْعِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ لَا غَرَرَ فِيهَا عَلَى المُتَّهَبِ، وَلَا الْوَاهِبِ، فَتَصِحُّ، كَهِبَةِ الْأَعْيَانِ. اهـ

قال أبو عبد الله غفر الله له: أمَّا الهبة فلا شك عندي في جوازها؛ لأنه لا غرر فيها على أحد الطرفين. وأمَّا البيع: فالصحيح ما قاله أحمد -رحمه الله-؛ لأنه لو باعه لغير من هو في ذمته؛ فإن كان نقدًا بنقدٍ دخل في الصرف بدون مقابضة، وذلك ربا، وإن كان عرضًا بنقد، أو نقدٍ بعرض؛ فقد يدخل في (ربح مالم يضمن)، وهو منهي عنه. وقد يدخل في ما لم يمكن تسليمه، أو في الغرر.

<<  <  ج: ص:  >  >>