قال شيخ الإسلام -رحمه الله- كما في «مجموع الفتاوى»(٣٢/ ١١٠): لكن مالك يشترط الاستبراء، وأبو حنيفة يجوز العقد قبل الاستبراء إذا كانت حاملًا، لكن إذا كانت حاملًا لا يجوز وطأها حتى تضع، والشافعي يبيح العقد والوطء مطلقًا؛ لأن ماء الزاني غير محترم، وحكمه لا يلحقه نسبه، هذا مأخذه، وأبوحنيفة يفرق بين الحامل وغير الحامل؛ فإن الحامل إذا وطئها استلحق ولدًا ليس منه قطعًا، بخلاف غير الحامل، ومالك وأحمد يشترطان الاستبراء، وهو الصواب، لكن مالك وأحمد في رواية يشترطان الاستبراء بحيضة، والرواية الأخرى عن أحمد هي التي عليها كثير من أصحابه كالقاضي أبي يعلى وأتباعه: أنه لابدَّ من ثلاث حيض. والصحيح أنه لا يجب إلا الاستبراء فقط؛ فإن هذه ليست زوجة يجب عليها عدة، وليست أعظم من المستبرأة التي يلحق ولدها سيدها، وتلك لا يجب عليها إلا الاستبراء، فهذه أولى، وإن قدر أنها حرة كالتي أعتقت بعد وطء سيدها وأريد تزويجها إما من المعتق وإما من غيره؛ فإن هذه عليها استبراء عند الجمهور، ولا عدة عليها، وهذه الزانية ليست كالموطوءة بشبهة التي يلحق ولدها بالواطئ مع أن في إيجاب العدة على تلك نزاعًا. اهـ
وقال -رحمه الله- (٣٢/ ١١٢): ومن قال: (لا حرمة لماء الزاني) يقال له: الإستبراء لم يكن لحرمة ماء الأول، بل لحرمة ماء الثاني؛ فإن الإنسان ليس له أن يستلحق ولدًا ليس منه، وكذلك إذا لم يستبرئها وكانت قد علقت من الزاني. اهـ