رَهْنُهُ؛ لِإِمْكَانِ اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ مِنْ ثَمَنِهِ؛ فَإِنْ كَانَتْ تَحْتَمِلُ الْأَمْرَيْنِ، كَقُدُومِ زَيْدٍ، فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ صِحَّةُ رَهْنِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحَالِ مَحِلٌّ لِلرَّهْنِ يُمْكِنُ أَنْ يَبْقَى حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الدَّيْنَ مِنْ ثَمَنِهِ، فَصَحَّ رَهْنُهُ، كَالْمَرِيضِ وَالْمُدَبَّرِ. وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَصِحَّ رَهْنُهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ غَرَرًا، إذْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَعْتِقَ قَبْلَ حُلُولِ الْحَقِّ، وَلِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فِيهِ اخْتِلَافٌ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا. اهـ
قلتُ: والصحيح أنه يجوز رهنه، ولا غرر في ذلك كالمدبر، وإذا أعتق فما ضاع حقه، بل له المطالبة بدينه.
[مسألة [٢١]: رهن الجارية مع ولدها.]
قال الإمام عبد الله بن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٦/ ٤٥٩): وَيَحُوزُ رَهْنُ الْجَارِيَةِ دُونَ وَلَدِهَا، وَرَهْنُ وَلَدِهَا دُونَهَا؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا يُزِيلُ الْمِلْكَ، فَلَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ تَفْرِقَةٌ، وَلِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَسْلِيمُ الْوَلَدِ مَعَ أُمِّهِ، وَالْأُمِّ مَعَ وَلَدِهَا؛ فَإِنْ دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى بَيْعِهَا فِي الدَّيْنِ، بِيعَ وَلَدُهَا مَعَهَا؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ فِي الْعَقْدِ مُمْكِنٌ، وَالتَّفْرِيقَ بَيْنَهُمَا حَرَامٌ؛ فَوَجَبَ بَيْعُهُ مَعَهَا. فَإِذَا بِيعَا مَعًا، تَعَلَّقَ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ مِنْ ذَلِكَ بِقَدْرِ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ مِنْ الثَّمَنِ، فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهَا مِائَةً، مَعَ أَنَّهَا ذَاتُ وَلَدٍ، وَقِيمَةُ الْوَلَدِ خَمْسُونَ، فَحِصَّتُهَا ثُلُثَا الثَّمَنِ. وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُرْتَهِنُ بِالْوَلَدِ، ثُمَّ عَلِمَ، فَلَهُ الْخِيَارُ فِي الرَّدِّ وَالْإِمْسَاكِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ عَيْبٌ فِيهَا؛ لِكَوْنِهِ لَا يُمْكِنُ بَيْعُهَا بِدُونِهِ؛ فَإِنْ أَمْسَكَ فَهُوَ كَمَا لَوْ عَلِمَ حَالَ الْعَقْدِ، وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهَا، وَإِنْ رَدَّهَا فَلَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ، إنْ كَانَتْ مَشْرُوطَةً فِيهِ. اهـ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute