للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مسألة [٤]: هل يجب الحد بوجود ريح الخمر من فمه، أو بِتَقَيُّئِها؟

• أكثر أهل العلم على أنه لا يجب الحد بمجرد وجود الريح؛ لأنه يحتمل أنه تمضمض به، أو حسبها ماءً؛ فلما صارت في فيه مجَّها، أو ظنها لا تُسكر أوكان مكرهًا، أو نحو ذلك، وهذا مذهب الشافعي، وأبي حنيفة، وأحمد في رواية.

• وذهب مالك، وأحمد في رواية إلى أنه يُقام عليه الحد؛ إلا أن يدعي أمرًا ممكنًا، وشبهة دارئةً للحد. وصحَّ إقامة الحد بذلك عن عمر، وابن مسعود -رضي الله عنهما-. (١)

ومثله الخلاف فيما إذا تقيأ خمرًا، وقد صحَّ عن عثمان -رضي الله عنه- إقامة الحد بذلك، كما في أحاديث الباب، وقد رجَّح هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-.

فقال كما في «مجموع الفتاوى» (٢٨/ ٣٣٩): فإن وُجِدت منه رائحة الخمر، أو رُئِيَ وهو يتقيؤها، ونحو ذلك، فقد قيل: لا يقام عليه الحد؛ لاحتمال أنه شرب ما ليس بخمرٍ، أو شربها جاهلًا بها، أو مكرهًا ونحو ذلك. وقيل: بل يُجلد إذا عُرِفَ أن ذلك مسكر. وهذا هو المأثور عن الخلفاء الراشدين وغيرهم من الصحابة، كعثمان، وعلي (٢)، وابن مسعود، وعليه تدلُّ سنةُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو الذي يصلح عليه الناس، وهو مذهب مالك، وأحمد في غالب نصوصه وغيرهما. اهـ


(١) أثر عمر عند الشافعي في «مسنده» (٢/ ٩١)، وابن أبي شيبة (١٠/ ٣٨) بإسناد صحيح، وأثر ابن مسعود عند «البخاري» (٥٠٠١)، و «مسلم» (٨٠١).
(٢) في حديث الباب أمر عثمان -رضي الله عنه- بجلده بحضور علي -رضي الله عنه-، ولم ينكر ذلك، بل أمر عليٌّ عبدَالله بن جعفر بجلده، كما في «صحيح مسلم».

<<  <  ج: ص:  >  >>