و «موطإ مالك»(٢/ ٦٣٤، ٦٣٥) أنه قال: إذا صرف أحدكم من صاحبه، فلا يفارقه حتى يأخذها، وإن استنظره حتى يدخل بيته؛ فلا ينظره، فإني أخاف عليكم الربا.
وقالوا: الأدلة جاءت بوجوب المقابضة وتحريم النسيئة، وليس في الأدلة تحريم التراخي، وقوله:«هاء وهاء» يدل على وجوب التقابض لا على وجوب الفورية.
قلتُ: وهذا القول هو الصواب، ومقصودنا بمجلس العقد هو مكان التبايع، سواء كانا جالسين، أو ماشيين، أو راكبين، ومرادنا بالتفرق ما عدَّه الناس في العرف تفرُّقًا. (١)
مسألة [٣]: إذا صارف رجلٌ آخرَ فأعاد إليه ما يقابل نصف ما قدمه فهل يبطل الصرف كاملا، أم يصح فيما أعطاه؟
• مذهب مالك، والشافعي، والظاهرية وهو وجه عند الحنابلة أنه إذا لم يقبض البعض حتى افترقا؛ فإنَّ الصرف كله باطل؛ لأنه وقع صرف من غير تقابض.
• وذهب أبو حنيفة وصاحباه وهو أحد الوجهين عند الحنابلة إلى أنَّ الصرف يصح في المقبوض، ويبطل فيما لم يقبض، وهو اختيار النووي، والروياني من الشافعية، ومال إلى هذا الإمام ابن عثيمين -رحمه الله-.